الأول : أن التعريف أو التعيين أو القصد إلى (أمس) بعينه إنما جاء من قبيل تضمن (أمس) معنى لام التعريف التي حذفت تخفيفا وذلك سبب بناء الكلمة.
الثاني : وهو معنى ـ أظنه مستبعدا ـ أن يكون سيبويه قد فهم من كلام الخليل أن حرف الجر جرّ الكلمة ، وعلى هذا تكون الكلمة معربة ، وسبب الحذف ـ كما قال الخليل ـ نقلا عن سيبويه (١) «أن المجرور داخل في الجار فصارا عندهم بمنزلة حرف واحد ، فمن ثمّ قبح ، ولكنهم قد يضمرونه ويحذفونه فيما كثر من كلامهم ، لأنهم إلى تخفيف ما أكثروا استعماله أحوج».
وقد أدى فهم أحد المعنيين ، أو ربما كليهما أن يقول سيبويه (٢) تعليقا على كلام الخليل «ولا يقوي قول الخليل في أمس ، لأنك : (تقول ذهب أمس بما فيه) ؛ أي أن كلمة (أمس) جاء بالبناء على الكسر وهي فاعل ، ولا يصح تقدير ذهب بالأمس لاختلال الدلالة ف (أمس) فاعل ولا يصح هذا التقدير مع الفاعل.
أما عن المعنى الأول فالقصد فيه بيان كيف جاء التعريف والتعيين في كلمة (أمس) هذا التعيين كان سببا في البناء ، ويبدو أن هذا رأي لبعض النحويين جاءوا بعد الخليل.
فالسيوطي ينقل عن ابن القواس في شرح الدرة قوله (٣) : «أمس مبنيّ لتضمنه معنى لام التعريف ، فإنه معرفة بدليل أمس الدابر وليس بعلم ولا مبهم ولا مضاف ولا مضمر ولا بلام ظاهرة فتعين تقديرها».
وقول صاحب البسيط (٤) : «ولو لا أنه معرفة بتقدير اللام لما وصف بالمعرفة ، لأنه ليس أحد المعارف ، وهذا مما وقعت معرفته قبل نكرته».
والخليل ربط ربطا قويا بين بناء (أمس) ودلالتها على معين ولم يشر إلى كيفية ذلك في المنظومة ، وإن كان واضحا أن القصد والتعريف هما سبب
__________________
(١) الكتاب ٢ / ١٦٣.
(٢) الكتاب ٣ / ١٦٤.
(٣) الأشباه والنظائر ١ / ١٢٦.
(٤) الأشباه والنظائر ١ / ١٢٦.