البناء مشترطا عدم وجود (ال) ظاهرة في السياق ، هذا من خلال أبيات المنظومة وكذلك مما ورد عنه صراحة في كتاب الجمل حيث يقول (١) تحت عنوان «الخفض بالبنية» : «و (أمس) أيضا مخفوض في الفاعل والمفعول به تقول : (أتيته أمس) ، و (ذهب أمس بما فيه) ، و (كان أمس يوما مباركا) ، وإن أمس يوم مبارك). فإذا أدخلت عليه الألف واللام ، أو أضفته إلى شيء أو جعلته نكرة أجريته. تقول : (كان الأمس يوما مباركا) ، وإن الأمس الماضي يوم مبارك ، و (كان أمسكم يوما طيبا). قال الشاعر :
ولا يدرك الأمس القريب إذا مضى |
|
بمرّ قطاميّ من الطير أجدلا (٢) |
وقال زهير :
وأعلم ما في اليوم والأمس قبله |
|
ولكنني عن علم ما في غد عمي |
فأجراه».
من خلال القول السابق للخليل يظهر لنا الربط الواضح بين البناء والدلالة على معين والإعراب (الإجراء) على حد القول السابق للخليل : «فإن جعلته نكرة أجريته» ويشترط لبنائه أيضا عدم دخول (ال) عليه أو إضافته.
يبدو مما سبق التوافق واضحا بين رأي الخليل الوارد في المنظومة وفي كتابه الجمل ، وفي كتاب سيبويه (٣) عند ما أشار إلى أن الحركة في (أمس) لغير الإعراب. من هنا فلا تناقض بين المواضع الثلاثة.
وعلى هذا يمكن القول : إذا كان اعتراض سيبويه على الخليل من ناحية أن معنى التعريف كامن في كلمة «أمس» بالبناء والدلالة على معين دون تقدير (ال) ؛ أقول : إذا كان القصد كذلك فإن سيبويه محق كل الحق ، ويكون اعتراضه جيدا وفي مكانه الصحيح ، لأن الارتباط بين الشكل والمعنى في كلمة (أمس) بالبناء ملموس ، بل ومؤكد ، فهي معرفة بالبناء على الكسر إذا
__________________
(١) الجمل للخليل ١٨١.
(٢) البيت من قول الشاعر القطامي الجمل ٣٦٠.
القطامي : الصقر ، والأجدل الشديد.
(٣) الكتاب ٣ / ٢٨٣.