قصد بها يوم معين ، فإذا دلت على ماض غير محدد فإنها تنون وتتحول من البناء إلى الإعراب ، فالشكل ارتبط بالدلالة دون احتياج لتقدير (ال) مما جعل ابن يعيش يقول (١) عن (أمس) بالبناء : «إن (أمس) قد حضر وشوهد فحصلت معرفته بالمشاهدة وأغنى ذلك عن العلامة» أي عن تقدير (ال) ، ويكون رأي سيبويه معبرا بقوة عن هذه الحالة.
أما إذا كان المعنى الثاني هو المقصود ، وهو إعراب كلمة (أمس) بالجر فإن الأمر يحتاج إلى وقفة متأنية مع سيبويه ، ويتضح الأمر فيما يلي :
أولا : ما صرّح به الخليل أكثر من مرّة أن حركة (أمس) حركة دخلته لغير الإعراب (٢) ويؤكد من أنه يقصد بغير الإعراب البناء ما رواه الأصمعي المتوفى سنة ٢١٦ هجرية من أنه سأل الخليل : لم خفض أمس؟ فقال الخليل (٣) : «بني ك (حذام وقطام) لأنه لم يتمكن تمكّن الأسماء» والبناء هنا ضد الإعراب.
ثانيا : إذا كان قصد سيبويه صحيحا واستقام فهمه للخليل على أنه يقصد إعراب (أمس) فإن ذلك لا يعني رأي الخليل ، لأن سيبويه نفسه نقل عن الخليل في آخر كلامه عبارة تقول : «سمعنا ذلك ممن يرويه عن العرب» (٤) ، بل إن سيبويه نفسه يقول في بداية الكلام عن هذا الموضع «وزعم الخليل» فيتوافق أول الكلام (زعما) مع آخره (سماعا) عن العرب ، ولعل ذلك إشارة إلى أن هذا القصد ليس من رأي الخليل.
ثالثا : ربما كان كلام الخليل عن موضع خاص ، انه يتحدث عن التشابه بين (لاه أبوك) و (لقيته أمس) قائلا : (٥) «إنما هو على : (لله أبوك ولقيته
__________________
(١) شرح المفصل ٤ / ١٠٧.
(٢) الكتاب ٣ / ٢٨٣.
(٣) مراتب النحويين ص ٦٣.
(٤) الكتاب ٢ / ١٦٤.
(٥) الكتاب ٢ / ١٦٢.