بالأمس) ، ولكنهم حذفوا الجار والألف واللام تخفيفا على اللسان ، وليس كل جار يضمر ، لأن المجرور داخل في الجار» فالمثال «لقيته بالأمس» مختلف عن المثال الذي أورده سيبويه وهو «ذهب أمس بما فيه».
والمثال الأخير يتوافق تماما ، بل وتتوافق آراء سيبويه والخليل حتى في الأمثلة فيما ورد في كتاب الجمل (١) ويبدو أن كلام الخليل ارتبط بموقف خاص مقارنة بالمثال (لاه أبوك) ولم يكن الكلام على سبيل العموم ، ولعل المثال التالي الذي ورد عند الخليل في كتاب الجمل يثبت ذلك. يقول الخليل ويقال (صمام) أيضا ، كما قال الشاعر (٢) :
غدرت يهود وأسلمت جيرانها |
|
صمّا لما فعلت يهود صمام |
ترك التنوين في (يهود) ونوى الألف واللام فيه ولو لا ذلك لنوّن».
وربما كان قصد الخليل من تحليل (لقيته أمس) على مثال (غدرت يهود) فليست الكسرة كسرة بناء ويكون المعنى على أن الأمس ليس معينا ، وتكون (ال) المقدرة للعهد ، و (الأمس) معناه اليوم الماضي المعهود بين المتخاطبين وليه يومنا أم لا ، وأيضا ليست الضمة في (يهود) ضمة بناء لأن الكلمة ليست مبينة ، ولهذا فمن رأيي أن يكون كلام الخليل مرتبطا بهذا الموقف الخاص ، ومما قاله الخليل يؤكد هذا الرأي قوله : وليس كل جار يضمر» (٣).
رابعا : لعل عدم ثبات معنى المصطلحات النحوية هو الذي صنع هذا الموقف ، فربما كان استخدام الخليل للكلمات (الجار) (الجر) (المجرور) (٤) مع كلمة (أمس) وغالبا ما يستخدم (الجر والمجرور) في حالة الإعراب ـ أقول ربما كان استخدام الخليل لهذه المصطلحات في الحديث عن كلمة (أمس) عاملا على فهم سيبويه على أن الخليل يقصد الإعراب ، فقد جاء في مجالس
__________________
(١) الجمل ١٨١.
(٢) الأسود بن يعفر شرح الأشموني ٣ / ٨١ شرح الشواهد للعيني ٤ / ١١٢ اللسان (صمم) وصما ، أي صمّى صما والمعنى : زيدي ، وصمام : الداهية.
(٣) الكتاب ٢ / ١٦٣.
(٤) الكتاب ٢ / ١٦٣.