طاقة التنظير والكشف ، وهي طاقة خلاقة مبهرة
وطاقة التعليم وهي طاقة فتور في هز الفكر اللغوي ، وإضافتها في حق التعليم إضافة تربوية ، إذ من خلالها تصاغ القواعد النحوية والصرفية واضحة المصطلح والمثال في يسر دون فلسفة وتعقيد ، لخدمة المتعلم الناشئ.
في هذه المنظومة ومحاولة تعريفها يدرك الدكتور أحمد عفيفي ـ وهو باحث ذكى يعرف مسارب اللغة ودروبها ومنحنيات الطرق فيها ووعورة مسارها ـ أن القول بوجود منظومة نحوية للخليل سوف يثير كثيرا من الجدل ؛ ومن ثمّ يحشد نفسه وأدواته العلمية ـ وهي أدوات متمكنة يعرفها عنه المحيط اللغوي ـ مستنطقا بذكاء وقدرة ورود صدى لفكر المنظومة مع يسره لدى سيبويه وقطرب والأخفش والمدرستين الكوفية والبصرية وأعمال الخليل ذاته مؤكدا على ظاهرة المصطلح التي بان فيها أو عبرها اتفاق ما جاء في المنظومة في كثير مما هو وارد لدى كتب الخليل كالعين والجمل المنسوبين إليه ؛ وكتاب سيبويه ؛ ومؤكدا نسبة المنظومة مما نص عليه خلف الأحمر الذي نسب إليه ذكر أبيات من المنظومة ؛ ولأن هناك شكا في نسبة المنظومة إلى الخليل ، كثّف الدكتور أحمد عمله فأتى بدارسة ضافية واعية متمكنة لفكر الخليل ومنهجه ورؤيته. هذه الدراسة من الممكن أن تحسب عملا مستقلا علميا ناهضا بجوار درس المنظومة وتوثيقها.
أجادل أخي الدكتور أحمد كثيرا حول نسبة المنظومة للخليل كي أثير طاقة التحرك اللغوية فيه فيظهر الوقوف مع جانب الشك فيها للصمت الكامل بين ظهورها وظهور المنظومات النحوية لدى ابن معطي وابن مالك وعدم سيرورتها أثرا واضحا لدى مخالفيه وغربة عصر الخليل عن طرق المنظومات ، ولأن النسخ لم تصرح بالفراهيدي (لقبا) (*).
أجادل الدكتور أحمد كثيرا فيستنطق الحجر في براعة حين يتحدث عن مصطلحات الخليل في المنظومة مثبتا حقها في مؤلفات الخليل الأخرى وتلاميذه كما قلت.
ويستنطق القاعدة الواردة في المنظومة مدركا نسبتها إلى الخليل ، ويقف
__________________
(*) (نسبا) وليس (لقبا) كما جاء (ن).