الأمثلة السابقة.
وقد قال سيبويه (١) : «وقال الخليل ـ رحمه الله ـ : إذا أردت النكرة فوصفت أو لم تصف فهذه منصوبة ؛ لأن التنوين لحقها فطالت ، فجعلت بمنزلة المضاف لما طال نصب وردّ إلى الأصل كما فعل ذلك ب (قبل وبعد).
وزعموا أن بعض العرب يصرف (قبلا وبعدا) فيقول : (ابدأ بهذا قبلا) فكأنه جعله نكرة. فإنما جعل الخليل ـ رحمه الله ـ المنادى بمنزلة (قبل وبعد) ، وشبهه بهما مفردين [إذا كان مفردا] فإذا طال أو أضيف ؛ شبهه بهما مضافين إذا كان مضافا لأن المفرد في النداء في موضع نصب» وجعل الخليل ـ كما ذكر سيبويه ـ منه قول الشاعر :
أدارا بحزوى ...
وقول الشاعر :
فيا راكبا إما عرضت ...
وإذا انطبق على البيت الثاني إطلاق النكرة ، فإن البيت الأول يطلق عليه الشبيه بالمضاف ، أو على حدّ رأي الخليل ـ النكرة الموصوفة ، ويكون المقصود بكلمة (المفرد) الاسم النكرة غير المضاف الذي وصف. وتمثيل الخليل يتشابه تماما فيما رواه عنه سيبويه من قول الشاعر (أدارا بحزوى) مع هذا القول نفسه الذي ورد في (الجمل) ، وذلك أيضا متطابق مع ما ورد في المنظومة حيث جاء بالشبيه بالمضاف في مثالين قائلا :
يا راكبا فرسا ويا متوجها |
|
للصيد دونك إن صيدك محصب |
وعلى هذا ؛ لم يذكر الخليل ولا سيبويه ما يسمى بالشبيه بالمضاف بل وتبعهما المبرد (٢) في عدم ذكر في الشواهد نفسها ، مما دل على الاطراد في عدم ذكر الشبيه بالمضاف واعتباره نكرة موصوفة [أدارا بحزوى ـ يا ساريا بالليل] أو غير موصوفة [يا راكبا فرسا]. ويبقى نص الخليل في منظومته غامضا في دلالته ، فلا ندري ما الذي يقصده بشكل محدد.
__________________
(١) الكتاب ٢ / ١٩٩.
(٢) انظر المقتضب ٤ / ٢٠٢ ـ ٢٠٦.