ولا يشترط مع المثال الوارد [الواقع في جواب الأمر] أن يكون الأمر محبوبا ، فهذا الشرط مع النهي فقط ومع ذلك فهو أمر محبوب.
النوع الثاني : الجواب الواقع بعد أداة الشرط ، وقد مثّل لذلك بأمثلة كثيرة منها : (إن تأتني وترد أذاي عامدا ترجع) ... ومنها أيضا : (من يأت عبد الله يطلب رفده يرجع).
ونلاحظ أيضا أن المثال الأول الذي مثل به الخليل كان للحرف (إن) فهو متقدم على غيره ، وهذا متسق تماما مع ما أورده سيبويه عن الخليل عند ما قال (١) : «وزعم الخليل أنّ [إن] هي أم حروف الجزاء ، فسألته : لم قلت ذلك؟ فقال : من قبل أني أرى حروف الجزاء قد يتصرفن فيكنّ استفهاما ، ومنها ما يفارقه فلا يكون فيه الجزاء ؛ وهذه على حالة واحدة أبدا لا تفرق المجازاة» ، وللخليل حق في ذلك ف (إن) لا تخرج عن الجزاء أما بقية الحروف فيمكن أن تخرج إلى الاستفهام مثل «متى ، ما ، من» ومنها ما يفارق الجزاء الاستفهام مثل (ما) مثلا التي تكون موصولة أو زائدة .. إلخ ؛ وقناعة الخليل بذلك جعلته يأتي بها في أول الأدوات عند ما مثّل لأدوات الشرط.
وللخليل تفسير خاص لجزم الفعل المضارع في جواب الأمر كما في [صلني أصلك] أو في جواب النهي مثل : (لا تفعل يكن خيرا لك) أو في جواب الاستفهام مثل : (ألا تأتيني أحدثك؟ و، كذلك في جواب التمني مثل :
(ليته عندنا يحدثنا) ، وفي جواب العرض مثل : (ألا تنزل تصب خيرا).
وبعد أن أورد سيبويه الأمثلة السابقة وأمثلة أخرى أراد أن يفسر سبب هذا الجزم عنده وعند الخليل فقال (٢) : «وإنما انجزم هذا الجواب كما انجزم جواب (إن تأتني) ، بإن تأتني لأنهم جعلوه معلقا بالأول غير متستغن عنه إذا أرادوا الجزاء كما أنّ (إن تأتني) غير مستغنية عن (آتك).
وزعم الخليل : أن هذه الأوائل كلها فيها معنى (إن) ، فلذلك انجزم الجواب لأنه إذا قال : (ائتني آتك) فإن معنى كلامه (إن يكن منك إتيان آتك) ، وإذا
__________________
(١) الكتاب ٣ / ٦٣.
(٢) الكتاب ٣ / ٩٣.