قال : (أين بيتك أزرك) فكأنه قال : (إن أعلم مكان بيتك أزرك).
هكذا كان تفسير الخليل الذي وافقه سيبويه في تفسيره بناء على رأي أستاذه ؛ فالجزم بتقدير (إن) مع الأمر والنهي ؛ والاستفهام والعرض والتمني ولعل ذلك كان سببا من أسباب جعل (إن) أم الباب.
وفي كتاب (الجمل) (١) أشار الخليل إلى الجزم في جواب الطلب ، وجاء بالآيات والأمثلة الواردة في كتاب (سيبويه) ، وأشار أيضا إلى جواز الرفع في جواب ما مضى ، كما فعل في الكتاب تفصيلا غير أنه يفسرّ سبب الجزم ، فقد أشار إلى انجزام الأفعال الواقعة جوابا ، ويبدو أنه لم يكن في حاجة إلى تفسير ذلك حيث كان كتاب (الجمل) مجملا لحالات نحوية خاصة بالإعراب دون اللجوء إلى ذكر تعليلات فيه ، وربما كان حريصا على تبويبه وعدم الإغراق في ذكر تعليلات أو تفصيلات. ولعل ذلك هو المراد عند ما قال في المنظومة (٢) :
والرفع في (الإثنين) بالألف التي |
|
بينتها لك في الكتاب مبوّب |
٦ ـ التعجب
يتناول الخليل هذا الدرس النحوي تحت عنوان : (باب التعجب) ، وهو المدح والذم قائلا (٣) :
فإذا ذممت أو امتدحت فنصبه |
|
أولى ، وذلك ـ إن قطعت ـ تعجب |
ما أزين العقل الصحيح لأهله |
|
وأخوك منه ذو الجهالة يغضب |
لا يمكن القول بأن العنوان وضع خطأ ، وذلك بسبب ذكره أن التعجب هو المدح والذم ، فالأبيات التي تندرج تحت هذا العنوان لا تعطي فرصة لهذا التخيّل ، والسؤال الذي يطرح نفسه أمامنا الآن هو : هل للمدح والذم علاقة بالتعجب؟ أو هل التعجب من شيء ما يمكن أن يعطي مدحا له أو ذما؟
__________________
(١) الجمل ١٩١ ـ ١٩٣.
(٢) المنظومة البيت ٢٩.
(٣) المنظومة البيتان ٩٢. ٩٣.