ومثال الخليل يعطي الدلالة نفسها حين يقول : (فيها ذو العمامة جالس) ، [أو جالسا] حيث يجوز [فيها ذو العمامة] ، واستطرد سيبويه قائلا (١) : ومثل قولك : (فيها عبد الله قائما) ، (هو لك خالصا) ، و (هو لك خالص) ..» ثم أكمل التمثيل بقوله : ومثل ذلك : (مررت برجل حسنة أمه كريما أبوها) ، زعم الخليل أنه أخبر عن الحسن أنه وجب لها في هذه الحالة ، وهو كقولك : (مررت برجل ذاهبة فرسه مكسورا سرجها) ، والأولى كقولك : (هو رجل صدق معروفا صدقه) ، وإن شئت قلت (معروف ذلك) ، و (معلوم ذلك) [بالرفع] على قولك (ذاك معروف وذاك معلوم) ؛ سمعته من الخليل».
والملاحظ أن سيبويه قد طرح هذا الجانب من القضية مع إيراد كل هذه النماذج والأمثلة ، ثم أنهى كلامه بأنه سمع ذلك من الخليل ، وهذا يوضح أن ذلك رأي الخليل نقله عنه تلميذه سيبويه الذي ذكر الخليل مرتين خلال هذه القضية بل إنه نسب له هذا الرأي في مواضع أخرى. فقد ذكر سيبويه هذين المثالين :
هذا أول فارس مقبلا.
هذا رجل منطلقا.
وعلق سيبويه قائلا (٢) : «وزعم الخليل أن هذا جائز ، ونصبه كنصبه في المعرفة ، جعله حالا ، ولم يجعله وصفا ، ومثل ذلك : (مررت برجل قائما) ، إذا جعلت المجرور به في حال القيام ، وقد يجوز على هذا : (فيها رجل قائما) ، وهذا قول الخليل ـ رحمه الله ـ».
وهذا الشق الأول من القضية طرحه سيبويه ونسبه إلى الخليل صراحة في أكثر من موضع ، وقد أسهبنا في النقل عن سيبويه لبيان رأي الخليل كاملا في هذا الجانب من القضية.
__________________
(١) الكتاب ٢ / ٩١.
(٢) الكتاب ٢ / ١١٢.