وقد وردت في الجمل تحت عنوان «الرفع بخبر الصفة». ترى هل كان الخليل محقا لأن القاسم المشترك في كل الأمثلة الواردة هو الجار والمجرور الواقع خبرا في حالة اكتمال الدلالة به ، أو المتعلق بالخبر في حالة عدم الاكتمال الدلالي في مثل : بك زيد مأخوذ؟ ووجود الجار والمجرور (الصفة) ضروري في هذه الجمله ، لهذا جاء الخليل بهذه القضية تحت هذا الباب.
الجانب الدلالي في هذه القضية
من خلال العرض السابق نرى الخليل يراعي الجانب الدلالي نقصا أو اكتمالا ، فالأعراب ـ كما يظهر ـ مبني على الجانب الدلالي ، والخليل لا يكتفي بإيراد الأمثلة الدالة في هذا الموطن فقط ، بل يشير صراحة إلى ذلك بقوله (١) :
ما إن يكون النصب إلا بعد ما |
|
تمّ الكلام وحين ينقص يرأب |
ومن هنا فالاكتمال الدلالي لجملة : [فيها ذو العمامة] جعل كلمة (جالس) يجوز فيها الرفع على أنها هي الخبر أو النصب على أنها حال. حيث يمكن اعتبار : (فيها ذو العمامة) خبرا مقدما ومبتدأ مؤخرا ، لهذا يجوز النصب لأن الحال يكون بعد اكتمال المعنى (فضلة).
أما النقصان الدلالي في قوله : (عليك عبد الله) (برفع عبد) فقد أدى إلى وجوب رفع (مشفق) على أنها هي الخبر وعلى هذا يكون المعنى (عبد الله مشفق عليك) ؛ إذ لو لا وجود كلمة (مشفق) لم يكن هناك معنى مكتمل فلا يجوز النصب لعدم الاكتمال الدلالي.
وظاهرة الاكتمال أو النقصان الدلالي مجسدة في ثنايا النحو العربي في أبواب نحوية كثيرة ، فقد استخدمها الخليل ـ كما رأينا ـ في (باب التعجب) ثم في باب (حروف الجر) والقضايا المتعلقة به ، ثم في معنى الغاية الذي يتجسد في جملة (حتى وما يترتب عليها من إعراب ما بعد حتى إذا كانت للغاية) ،
__________________
(١) المنظومة البيت ٤٤.