سابعا : الأمثلة والنماذج التطبيقية الواردة في المنظومة
هذه المنظومة النحوية التي وضعها الخليل في القرن الثاني الهجري ؛ لها من السمات والخصائص التي ينادى النحويون المحدثون بوجوب تجسيدها عند دراسة النحو لدى متعلميه في العصر الحديث ، ويبدو أن هذه المنظومة كان الهدف منها تعليميا خالصا ، لا عرضا لآراء أو تقديما لفلسفات نحوية أو قضايا خلافية ؛ لهذا ركزت هذه المنظومة بشكل لافت لنظر أي قارئ لها على الأمثلة والنماذج المتنوعة لاستخدام القواعد النحوية المختلفة ، فقد تنوعت الأمثلة للظاهرة الواحدة أو القاعدة الواحدة. ويبدو أن الخليل كان حريصا على وضع هذا النهج للاقتداء به مستقبلا ، وهذا يدل على طريقة صحيحة في الأداء ، ويدل أيضا على أنه كان معلما بارعا ، وربما نفسّر بهذا سرّ الإقبال على الخليل من تلاميذه عند تعليمه إياهم.
إذا لم يكن الخليل ليكتفى بمثال واحد للظاهرة كما كان يفعل المتأخرون ممن كتبوا منظومات نحوية كابن مالك والسيوطى ؛ ومن نماذج تكراره لأمثلته قوله (١) تحت عنوان [باب التاء الأصلية وغير الأصلية].
والتاء إن زادت فخفض نصبها |
|
ما عن طريق الخفض عنها مهرب |
فتقول : إن بنات عمك خردّ |
|
بيض الوجوه كأنهن الربرب |
وسمعت عمات الفتى يندبنه |
|
كل امرئ لا بد يوما يندب |
ودخلت أبيات الكرام فأكرموا |
|
زورى وبشّوا في الحديث وقرّبوا |
وسمعت أصواتا فجئت مبادرا |
|
والقوم قد شهرو السيوف وأجلبوا |
نلاحظ أنه أتى بمثالين للتاء الزائدة في حالة النصب وعلامته الكسرة (الخفض) وهما [إن بنات عمك ـ وسمعت عمّات الفتى] كما أتى بمثالين للتاء الأصلية وهما [دخلت أبيات الكرام ـ سمعت أصواتا] ، ولعلنا نلاحظ أنه في
__________________
(١) الأبيات من ٨٦ ـ ٩٠.