كان الخليل حريصا على أن يستوفي كل حالات الظاهرة التي يتكلم عنها تمثيلا وتطبيقا دون استيفائها بكلام نظري لا تطبيق فيه ، ونماذج ذلك كثيرة نأخذ منها ما ورد في باب (المبتدأ وخبره) عند ما قال (١) :
وإذا ابتدأت القول باسم سالم |
|
فارفعه والخبر الذي يستجلب |
فالمبتدأ رفع جميع كله |
|
ونعوته ولذاك باب معجب |
ثم بدأ الخليل في التمثيل فجاء بنماذج كثيرة متنوعة لهذا المبتدأ الذي عبّر عنه بالاسم (السالم) الذي يعني ـ كما أظن ـ الاسم الصالح لأن يكون مبتدأ ويصحّ الإخبار عنه ، فلا يكون نكرة ناقصة مثلا ، كذلك أتى بنماذج متنوعة للخبر الذي استجلبه المبتدأ ، ولنتأمل نماذجه كما يلي :
[عمك قادم ومحمد]
المبتدأ اسم معرف بالإضافة ، الخبر اسم فاعل (مشتق) مع مراعاة أن الإعراب أصليّ في الحالتين ، وكذلك في كلمة (محمد) المعطوف.
[يزيد ذو ولد]
المبتدأ معرّف بالعلمية ، الخبر (ذو) ليس مشتقا ولكنه وصع موضع المشتق وأخذ معناه (صاحب) واكتملت شروطه فقد أضيف لغير الضمير ، مع ملاحظة أن الاعراب أصليّ في المبتدأ ؛ فرعيّ في الخبر ، مع أنه لم يقل ذلك ولم يشر إليه.
[عبد الله شيخ صالح] ـ [محمد حرّ]
المبتدأ علم جاء مركبا تركيبا إضافيا في المثال الأول ، وجاء مفردا في المثال الثاني ، والخبر صفة مشبهة في المثالين.
[الريح ساكنة] ـ [الشمس بازغة]
المبتدأ معرّف بالألف واللام ، والخبر مفرد.
[نحن أولو جلاد في الوغى] ـ [أنا ابن عبد الله]
المبتدأ ضمير والخبر مضاف ، جاء في (أولو) معربا إعرابا فرعيا ، وفي (ابن) جاء معربا إعرابا أصليا.
__________________
(١) البيتان ١٢٩ ، ١٣٠ وانظر الأمثلة في الأبيات التالية لهذين البيتين.