وبدأ الناسخ بعد ذلك في صفحة جديدة في قصيدة أبي سالم بن كهلان المشار إليها آنفا.
ومع أن هذه النسخة من المنظومة لا تحمل في طياتها تاريخ نسخها إلا أنني نظرت إليها على أنها النسخة الأصل عند المقارنة بين النسخ التي عثرت عليها ، وذلك للأسباب التالية :
(١) كان الناسخ حريصا على ضبطها صحيحا إلى حد كبير.
(٢) جودة خطها ؛ وعدم التباس كلماتها أو غموض حروفها إلا في القليل النادر.
(٣) من الواضح أن الناسخ كان أمينا مع نفسه ، فقد كان حريصا دائما في هذا المجموع الذي جاء كله بخط واحد ، أقول كان حريصا على مراجعة نسخته إما على النسخة التي نقل منها ؛ أو على نسخة أخرى ، وقد مرّ منذ قليل النص الوارد في نهاية المنظومة بعد نسخها ، وتقريبا هذا قوله دائما بعد كل مخطوطة ينسخها ، فقد قال بعد انتهائه من نسخ (ملحة الإعراب) ما نصّه تمت (ملحة الإعراب) بتفسيرها والحمد لله حق حمده وصلواته على خير خلقه محمد وآله وسلّم تسليما كثيرا ؛ عرض على نسخة من بعض النسخ ، ـ والله أعلم ـ بصحته وبالله التوفيق ـ .. الخ».
وإن دل هذا على شيء ؛ فإنما يدل على أن هناك نسخة أخرى أقدم وأصح من النسخة الأصل ، فإذا كانت النسخة الأصل أصح النسخ فيما بين أيدينا منها فإن النسخة التي نقل فيها ، أو التي تمت المقارنة من خلالها ، أكثر صحة مما بين أيدينا .. هذه النسخة لم نصل إليها بعد خلال بحثنا.
(٤) من خلال كلامنا السابق يظهر لنا سبب جيد لاختيار هذه النسخة أصلا لبقية النسخ. فهي أصحّ النسخ كتابة حيث قلّت أخطاؤها ، فقد زادت نسبة الأخطاء في بقية النسخ وشوّهت الأبيات إما نحويا أو صرفيا أو عروضيا أو إملائيا ، وكان نص الأصل أشد وضوحا وأكثر استقامة من غيره في بقية النسخ.
وقد احتوى هذا المجموع ـ بالإضافة إلى شرح (ملحة الإعراب) وقصيدة