أخرى ، أو عدم مناقضة المعلومات بعضها بعضا .. الخ.
أقول : مع كل تلك الأدلة ومع قناعتى بكل ما قدمته فإنني أفتح الباب لمن يحب أن يضيف دليلا على صحة التوثيق أو يأتي بما يخالف ذلك فيقوّم رأيا لم يكن القصد منه إلا محاولة الوصول إلى اليقين فأنا أعلم أن جدلا كبيرا سوف يعلن عن نفسه ونقاشا حادا سوف يتجسد حول نسبة هذه المنظومة إلى الخليل بن أحمد.
ولكن يبقى أن يكون لهذه المنظومة السبق الزمني في تأليفها عن بقية المنظومات (الألفيات) التي ظهرت بعدها لابن معط وابن مالك والسيوطي حيث ذكرها خلف الأحمر المتوفى ١٨٥ ه أي بعد وفاة الخليل بعشر سنوات ، وذلك في كتابه «مقدمة في علم النحو».
إذا لا نستطيع أن نلغي أسبقيتها الزمنية عن غيرها من المنظومات النحوية الأخرى ، فليس لدينا منظومة سبقتها ، ولم يقل أحد بذلك ، ومن هنا فإن ذلك يعدّ ميزة ، حيث تكون هذه المنظومة أولى المنظومات النحوية في تاريخ النحو العربي ، نستطيع من خلالها التأريخ لكثير من المصطلحات النحوية التي امتلأ بها حقل النحو العربي وحملها التاريخ للمتأخرين الحريصين على معرفة الكثير عن نشأة النحو والتأريخ له ، كذلك يمكن لنا ـ من خلال هذه المنظومة ـ معرفة طبيعة التأليف النحوي وحقيقته في تلك الفترة المتقدمة نسبيا في تاريخ هذا العلم ، وربما أكدت هذه المنظومة نتيجة مؤداها أن المدرسة البصرية سابقة للمدرسة الكوفية ، ليس في تأصيل القواعد فقط ، بل في التأليف النحوى أيضا ، فهي تحتمل إذا ؛ ريادة النحو العربي ، ويكون للبصرة اليد الطولى والنصيب الأوفى في تأصيل هذا العلم وبناء منهج متكامل له.
ولو شكك أحد الباحثين في نسبتها إلى الخليل لدليل ارتآه ، فإنه لن يستطيع التشكيك في زمن كتابتها ، وفي هذه الحالة تستحق البحث والدراسة من هذه الزاوية المهمة التي تؤكد أسبقيتها ، وبالتالي تؤكد القدرة على الكشف عن بعض الغموض الذي اكتنف تاريخ النحو العربي ، فهذه المنظومة