ثانيا : تم اختيار النسخة (أ) أصلا لتحقيق هذه المخطوطة مع أنها لا تحمل في طياتها تاريخ النسخ أو اسم الناسخ ، وهذه النسخة من ضمن النسخ التي عثرت عليها بدائرة المخطوطات والوثائق بوزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان ، وهي ضمن مجموع يحمل رقم ٢٩٨٨ ، واختيرت هذه النسخة (أصلا) لبقية النسخ حيث تجمعت أسباب كثيرة (١) أكدت قناعتي بذلك ، فقد استقام النص إلى حد كبير في هذه النسخة دقة وضبطا وصحة لغوية وإملائية وقلة أسقاط وجودة خط ناسخها ، وكل ذلك قد أظهر دقة ناسخها.
وإذا كان الأمر كذلك ، فإن هذه النسخة تتقدم على غيرها ، مع أن تاريخها غير موجود كما حدث في معظم النسخ ، فربما تكون أقدم تاريخا ، حتى ولو لم تكن أقدم تاريخا فمميزاتها تقدمها على غيرها ، فصحة النص ودقته هو الأصل كما يؤكد علماء أصول التربية عند ما يقولون (٢) «ينبغي ألا نعتبر مجرد قدم المخطوطة هو المعيار الوحيد لصحتها ، فقد تكون لدينا مخطوطة حديثة ، ولكنها مأخوذة مباشرة عن مخطوطة من الدرجة الأولى ، وهي بذلك أفضل من مخطوطة قديمة مأخوذة عن مخطوطة أخرى فرعية ، وفي عبارة أخرى ، فإن العبرة ليست بقدم الوثيقة أو المخطوطة».
ومن هنا فقد رأيت خطورة الأخذ بالمبدأ العام وهو الأخذ بالنسخة التي سجل تاريخ نسخها على اعتبار أنها أقدم ، وهذه الخطورة تتمثل في جانبين :
الأول : أنه من المحتمل أن تكون النسخة التي جاءت بدون تاريخ هي الأقدم ، بالإضافة إلى كثرة الأخطاء والأسقاط الواردة في تلك النسخ التي سجل تاريخ نسخها.
الثاني : ما يؤكده الأستاذ المحقق الشيخ عبد السّلام هارون من أنه «يجب مراعاة المبدأ العام ، وهو الاعتماد على قدم التاريخ في النسخ المعدّة للتحقيق
__________________
(١) انظر هذه الأسباب تحت عنوان وصف النسخ.
(٢) مناهج البحث في التربية وعلم النفس ص ١١٢ ، ١٢٣.