من مترجمين ودارسين لكتبه وعلمه من المعاصرين إلى حدّ يصل أحيانا إلى حيرة القارئ ودهشته مما يقال حبا وإعجابا بعلمه وسلوكه واحتفاء بحياته وتدينه وزهده.
ولنستمع إلى سفيان الثورى حينما يقول (١) : «من أحب أن ينظر إلى رجل خلق من الذهب والمسك فلينظر إلى الخليل بن أحمد».
وفي معجم الأدباء (٢). يروى عن النضر بن شميل أنه قال : «كنا نمثّل بين ابن عون والخليل بن أحمد أيهما نقدم في الزهد والعبادة فلا ندرى أيهما نقدم» ، وكان يقول : «أكلت الدنيا بعلم الخليل وكتبه وهو في خصّ لا يشعر به».
وإذا كان النضر بن شميل تلميذه يعترف بقيمته العلمية الكبيرة وتدينه وزهده ، فإن أستاذه أبا أيوب السختياني لم يبتعد عن ذلك المديح للخليل حيث عرف أبو أيوب حق الطالب المجد وقدّر ذكاء الخليل «وإذا بالخليل يصبح أخص تلامذته وأقربهم إليه. ولا يمضى القليل من الزمن حتى يعلم الخليل من السنة والحديث أكثر مما يعرفه كل أصحاب الشيخ.
كان الخليل يسمع من شيخه مديحا كثيرا ويلقى منه محبّة خالصة ، ولكن ذلك كان يزيده تواضعا واحتراما ، كان شأن الخليل شأن معظم العلماء النابغين ، يصرفهم نبوغهم عن الاكتراث بالشهرة وعن الاحتفال الشديد بالنفس» (٣).
لقد انقطع الخليل للعلم واتصل بالكثيرين من علماء العربية في مجالات مختلفة ، تتلمذ على أيديهم فكوّنوا ثقافته العربية الأصيلة ، فقد أخذ عن أبي عمرو بن العلاء (المتوفى عام ١٥٤ ه).
وعن عيسى بن عمر الثقفي (المتوفى عام ١٤٩ ه) «وروى الحديث والفقه والقراءات عن أيوب السختيانى وعاصم الأحول والعوام بن حوشب وعثمان بن حاضر عن ابن عباس وغالب القطان وغيرهم (٤).
__________________
(١) معجم الأدباء ١١ / ٧٤.
(٢) السابق نفسه.
(٣) قصة عبقرى ، يوسف العش ، ص ١٤.
(٤) معجم الأدباء ، ياقوت الحموى ١١ / ٧٣.