وسواء ولد الخليل في عمان على شاطئ الخليج العربي كما يشير بعض المراجع (١) ، أو ولد في البصرة ، كما تشير بعض المراجع الأخرى (٢).
فالمؤكد أنه أزدي يحمدي عربي أفاد العربية بعلمه ومنهجه الكشفي لخبايا النحو العربي ، والعروض وعلم المعاجم ، وربما لعلم الموسيقى أو علوم أخرى ضاع ما كتبه فيها ضمن ما ضاع من كتبه التي ذكرتها كتب التراجم ، وهي كثيرة لم يصلنا منها إلا القليل وضاع معظمها ، وجاء القليل من أفكاره عن طريق هذا القليل الذي خرج إلى النور وكذلك عن طرق تلاميذه الذين نقلوا جزءا من فكره ، كما فعل سيبويه في (الكتاب) ، وأعمال الخليل المنسوبة إليه كثيرة (٣) نذكر منها : (العين) و (النغم) و (الايقاع) و (العروض) و (النقط
__________________
(١) دائرة المعارف الإسلامية ٨ / ٤٣٦ وأعلام العرب في العلوم والفنون ٦٩ ، اتحاف الأعيان في تاريخ بعض علماء عمان ١ / ٥٤.
(٢) الأعلام ٢ / ٣١٤ ، كتاب الخليل بن أحمد لعبد الحفيظ أبو السعود ص ١٣. وفي معجم الأدباء ١١ / ٧٣ يشير ياقوت إلى أنه بصرى دون أن يتكلم عن ولادته ونشأته الأولى. كذلك في شذرات الذهب ١ / ٢٧٧. غير أنّ ما ورد في «نور القبس» ص ٥٦ ربما كان مرجحا أن الخليل من عمان وذلك لأنه نقل نصا عن الخليل يقول فيه : «قدمت من عمان ورأيي رأي الصفرية ، فجلست إلى أيوب بن أبي تميمة (السختياني) فسمعته يقول : إذا أردت أن تعلم علم أستاذك فجالس غيره فظننت انه يعنيني ، فلزمته ، ونفعنى الله به» ، وانظر (عبقري من البصرة) للدكتور مهدي المخزومى ص ٢٥.
ويقول سعيد الصقلاوى في كتابه (شعراء عمانيون) ص ١١٥ : «وأما مولده ونشأته فمسألة دار حولها خلاف كثير حيث قيل إنه ولد بعمان سنة ٨٦ ه أو ٩٦ ه أو ١٠٠ ه أو ١٠١ ه في منطقة ودام من ساحل الباطنة ، وهاجر الى البصرة طلبا في العلم والاستزادة منه ، وهو في مراحل طفولته حيث كانت البصرة محطة العلم والأدب والفكر ، وهناك شبّ الخليل بن أحمد وتشربت عروقه وحواسه به حتى صار علما من الأعلام وحجة في الأقوام ، وسمي بالبصري ؛ لأن مذهبه النحوي كان بصريا.
أما الرواية الأخرى فتناقض سابقتها تماما حيث تقضي بأن الخليل ولد بالبصرة وبها نشأ وتلقى سائر العلوم ، وهو من أهلها ، ومن هنا جاءت تسميته بالبصري فهو بصري المولد والمنشأ.
وكلام سعيد الصقلاوى يطلعنا على تزاحم الروايات المختلفة حول ولادته وحتى لو تم الترجيح لرواية ما ، فإنه ظن يعوزه الدليل.
(٣) الأعلام ٢ / ٣١٤ ، دائرة المعارف الإسلامية ٨ / ٤٣٦ ، مكانة الخليل في النحو العربي ٣١ ـ ٣٥ ، الخليل بن أحمد ، عباس أبو السعود ١٥١.