كل هذا دار في خلدى وأنا بين الإقبال مرّة والإحجام مرّات على تحقيقها إلى أن عثرت على نصّ لخلف الأحمر (١) الذي كان معاصرا للخليل ، وكانت وفاته بعد وفاة الخليل بعشر سنوات تقريبا. هذا النص يشير إلى تلك المنظومة النحوية للخليل ، بل وينقل بيتين من تلك المنظومة مستشهدا بهما على قضية نحوية نراها في نصه الذي يقول فيه تحت عنوان «باب حروف النّسق».
يقول خلف الأحمر عن هذه الحروف في كتابه «مقدمة في النحو» (٢) «فنسق بها ، فإذا أتيت برفع ثم نسقت بشيء من حروف التنسيق رددت على الأول» (أي عطفت على الأول) وكذلك إذا نصبت وخفضت ثم أتيت بحروف النسق رددت على الأول. وحروف النسق خمسة ، وتسمى حروف العطف.
وقد ذكرها الخليل بن أحمد في قصيدته في النحو ، وهي قول الشاعر :
فانسق وصل بالواو قولك كلّه |
|
وبلا وثمّ وأو ، فليست تصعب |
الفاء ناسقة كذلك عندنا |
|
وسبيلها رحب المذاهب مشعب |
وهذا البيتان يحملان رقمي ١٥٧ ، ١٥٨ من منظومة الخليل النحوية ، وإن كانت كلمة القافية في البيت الأول جاءت على أشكال متنوعة ، فمرة «تعقب» ويكون القصد منها أنّ (أو) ليست للتعقيب مثل ثم الواقعة
__________________
(١) خلف الأحمر هو أبو محرز مولى بلال بن أبى بردة راوية علامة بالأدب ، شاعر من أهل البصرة كان أبواه موليين من فرغانة. أعتقهما بلال بن أبي موسى الأشعري. حمل عنه ديوانه أبو نواس وتوفي في حدود الثمانين ومائة (١٨٠ ه ـ ٧٩٦ م). عالم بالأدب يسلك الأصمعي طريقه ويحذو حذوه. له ديوان شعر وكتاب (جبال العرب) و (مقدمة في النحو) (طبع). انظر في ترجمته ، الأعلام للزركلي ج ٢ ص ٣١٠ ، وكتاب الوافي بالوفيات ٣ / ٣٥٣ ـ ٣٥٥ ، ١٤٠٤ ه ـ ١٩٨٤ م دار النشر فرانز شتاير بقسبادن.
(٢) كتاب (مقدمة في النحو) لخلف الأحمر (١٨٠ ه) تحقيق : عز الدين التنوخي دمشق ١٣٨١ ه ١٩٦١ م ص ٨٥. ٨٦.