وبتأمل كلام الدكتور السامرائي نقول : لو كان المقصد بالكلام دلالته وصحته لكان هو المسؤول عن ذلك لأنه نقل الكلام خطأ من كتاب خلف الأحمر فأدى ذلك إلى الإخلال بموسيقى البيت الثاني ، وعدم انسجام المعنى في البيت الأول (تقعب). ولو كان القصد عدم صحة نسبة الأبيات إلى الخليل فلم يقدم لنا دليلا على شكّه فما أسهل أن ينفي الإنسان شيئا دون تعليل ، علاوة على أنه استشهد بالأبيات على قضية استخدام البصريين ـ ومنهم الخليل ـ لكلمة النسق قائلا : «استعمله البصريون ليفرقوا في باب العطف بين عطف البيان وعطف النسق» وفي هذا اعتراف له بأنها قصيدة الخليل ، وكأنّ كل همّه كان في إثبات وجود مصطلح (النسق) عند البصريين ، ويبدو أن الدكتور السامرائي لم يشأ أن يتعب نفسه في التأكد من استخدام الخليل لهذا المصطلح ، ولو توجّه إلى كتاب (الجمل) الذي حققه الدكتور فخر الدين قباوه ، والذي نسب إلى الخليل لكان قد وجد هذا المصطلح يتردد كثيرا على لسان الخليل ، وسوف نفرد لذلك حديثا خاصا عند كلامنا عن مصطلحات المنظومة.
رابعا ـ لعل تعليق الاستاذ «عز الدين التنوخى» الذي حقق كتاب خلف الأحمر «مقدمة في النحو» يحمل دلالة خاصة على ما نحن فيه ، فعندما أشار خلف الأحمر إلى حروف العطف قال : «وقد ذكرها الخليل بن أحمد في قصيدته في النحو ، وهي قول الشاعر قائلا .. إلخ» حينئذ يعلق عز الدين التنوخي على «قول الشاعر» (١) : «وصواب التعبير أن يقال (وهي قوله لعودة التعبير على متقدم ولعله أراد أن يشير إلى أن الخليل كان شاعرا ، وكان بالفعل شاعرا والنحاة لا يذكرون أنّ له قصيدة في النحو ، وإن كانت كتب المصنفين
__________________
(١) هامش ص ٨٦ من كتاب مقدمة في النحو.