ثالثا : الخليل مصدر المصطلحات النحوية
ليس من المغالاة في الأمر إذا ما ذهبنا إلى أن الخليل بن أحمد يعدّ مؤسس المدرسة البصرية التي شاع أمرها ، وانتشرت مصطلحاتها إلى يومنا هذا ، بل وكانت مسائلها وقضاياها النحوية وآراء أساتذتها هي الأكثر شيوعا في حقل الدراسات النحوية واللغوية ، وعند ما نبحث عن مصادر الدراسة الكوفية بقضاياها النحوية ومصطلحاتها نجد أن الخليل بن أحمد كان مقصد كل من رغب من الكوفيين في تعلّم النحو من منابعه. وها هو ذا الكسائي رئيس مدرسة الكوفة يتعلم على يد الخليل بن أحمد.
يقول الدكتور مهدي المخزومي (١) : «إذا أردنا أن نؤرخ لمدرسة الكوفة ، فينبغي أن نؤرخ للكسائي لأنه فيما نذهب إليه هو النحوي الأول الذي رسم للكوفيين رسوما يعملون عليها ، كما قال أبو الفرج (يقصد الأصفهاني) ؛ ولأنه عالم أهل الكوفة وإمامهم ـ كما قال السيوطي ـ وإذا كان لا بد من النص على المصدر الأول الذي استقى منه الكسائي علمه ، وفتح السبيل أمامه ليكون إماما في النحو ورئيسا لمدرسة ، فإننا نزعم أن الخليل بن أحمد هو ذلك المصدر الذي لقن الكسائي صناعة الإعراب ، وليس كثيرا على الخليل صاحب العقل المبتكر أن ينتمي إليه أعظم مدرستين للغة وقواعدها شهدها تاريخ العربية» ، ولهذا فقد جعل الباحث الخليل بن أحمد مبعث مدرستين اصطنعت كل واحدة منهما منهجا خاصا ، تولّى رئاسة الأولى سيبويه وتولى رئاسة الثانية علي بن حمزة الكسائي.
إذن ؛ كان الخليل واضع اصول النحو العربي بمدرستيه ، وكان نبعا فياضا استقى منه القاضي والداني إلى حدّ أن المدرستين البصرية والكوفية
__________________
(١) مدرسة الكوفة ٧٩.