انتميتا إليه ، فالكسائي وهو رأس المدرسة الكوفية يوافق الخليل في بعض آرائه مخالفا الكوفيين وكأن الكسائي ، وقد قرأ (الكتاب) وتأثر به فذهب في مسائل عدة مذهب الخليل بن أحمد» (١) ومثال ذلك موافقة الكسائي للخليل في تركيب (لن) الناصبة للمضارع من (لا) و (أن) كما أشار إلى ذلك الأشموني (٢) والصبان (٣) ومن أمثلة ذلك أيضا ما رواه الأشموني عند ما قال إن (نعم وبئس) فعلان غير متصرفين عند البصريين والكسائي بدليل ؛ فبها ونعمت واسمان عند الكوفيين (٤) ... إلخ.
يحكي بعض المؤرخين (٥) أن الكسائي دخل على بعض أهل الفضل فتكلم فأخطأ فردّوا عليه خطأه ، فأخذ يتنقل بين حلقات الدرس حتى سمع عن استاذ العربية الخليل بن أحمد الفراهيدي فشدّ إليه الرحال ليأخذ عنه العربية «واستغرب الجالسون إلى الخليل أن يقصد الكسائي إلى البصرة يطلب لغات الأعراب فيها ، وفي الكوفة بنو تميم وبنو أسد ، وعندهم الفصاحة ، ولكنه جلس إلى الخليل مبهورا بما سمع منه ، ولم يلتفت إلى هؤلاء بجواب ، ثم تقدم إلى الخليل يسأله عن مصادر علمه هذا ، فقال له الخليل بوادي الحجاز ونجد وتهامة ... إلخ.».
هذا هو الكسائي (إمام مدرسة الكوفة) يتتلمذ على يد الخليل بن أحمد ويتشرب علم الاعراب منه ومن بيئة البصرة ، ثم يأتي تلاميذ الكسائي ليأخذوا منه فيكون منبعهم بصريا خليليا ، وأبرز نحاة الكوفة ممن تتلمذوا على يد الكسائي هو الفرّاء ، وإن كان قد تأثر مباشرة بكتاب سيبويه قبل أن يتتلمذ على يد الكسائي ، فقد «عكف على كتاب سيبويه يقرؤه فيقف على مسائل
__________________
(١) المدارس النحوية ٣٧.
(٢) شرح الأشموني على الألفية ٣ / ٢٧٨.
(٣) حاشية الصبان ٣ / ٢٧٨.
(٤) شرح الأشمواني ٣ / ٢٦.
(٥) نزهة الألبا ٨٢. ٨٣ ، معجم الأدباء ١٣ / ١٦٨.