رابعا : الأعلام الواردة بين التمثيل والحقيقة
إن المتأمل لقصيدة الخليل النحوية يلاحظ كثرة الأعلام الواردة فيها ، هذه الأعلام تربو عن مائة وثلاثين علما ، وهذا ليس بمستغرب ، فمادام الأمر في نطاق النحو والتمثيل للقضايا النحوية المختلفة ، فإنّ الحاجة تكون ملحة في استخدام الأعلام التي لا يكون القصد من وجودها سوى التمثيل فقط ، دون أن يمثّل العلم شيئا من الدلالات الأخرى ؛ أي أنه لا يوجد ربط بين الحدث الحاصل من العلم والواقع كائنا أو يكون. إلا إذا قصد طرح وجهة نظر أو اعتراض أو رأي ما لواحد من النحاة أو الصرفيين ، فإن الامر يكون مختلفا في هذه الحالة ، إذ ليس الأمر في نطاق التمثيل بل تغيّر إلى مرحلة أخرى ، يكون المقصود علما بعينه وشخصا بعينه قال شيئا أو نقل رأيا ما. والمتتبع لأعلام الخليل يستطيع ملاحظة ما يلي :
أولا : وجود أعلام حديثة ـ أو هكذا تبدو ـ مثل عبد السّلام أو أعلام غريبة ليس هناك تعوّد على التمثيل بها مثل : عبد المهيمن ، مهلّب ، جندب ، حوشب ... الخ.
لكن الذي كان مثيرا بالنسبة لي هو العلم (عبد السّلام) بشكل خاص ، فالقارئ ـ منذ وقوع عينه على (عبد السّلام) ـ يوشك أن يذهب إلى القول بأن هذه القصيدة ليست للخليل لأن العلم (عبد السّلام) ليس قديما إلى هذه الدرجة ، هكذا كان إحساسي في بادئ الأمر.
أما الأعلام الأخرى التي تثير نوعا من الدهشة للتمثيل بها مثل : حوشب ، عبد المهيمن ... إلخ. فهي قديمة ، ولعل قدمها كان دليلا على كتابة هذه القصيدة في حياة الخليل ، بل وقد يكون قبل ذلك. وكان لا بد من العودة إلى كتب التراجم والتاريخ للتحقق حتى نرى هل وجد من سمّي (عبد السّلام) في عصر الخليل أو قبله؟ فإذا وجد من سمي بهذا الاسم في حياة الخليل أو