قبله زال الشك في تلك الرواية وإلا فإن الشك في نسبة تلك القصيدة ربما كان سيجبرنا على التوقف عن تحقيقها لعدم التأكد من نسبتها إلى الخليل.
وتوجهت إلى كتاب «الأعلام» كنموذج من كتب التراجم والسير فوجدت الزركلي (١) يترجم لعلم يسمّى : عبد السّلام بن حرب النهدي الملائي أبو بكر البصري ثم الكوفي من حفاظ الحديث ولد عام ٩١ ه ومات عام ١٨٧ ه.
والملاحظ أن عبد السّلام بن حرب النهدي ولد قبل ولادة الخليل بتسع سنوات وعاش معظم حياته في البصرة وتوفي بعد الخليل باثنتي عشرة سنة وربما كان صديقا للخليل ، فهو معاصر له ، وكان يعيش بمدينة البصرة نفسها.
وهناك علم آخر أشار إليه الزركلي (٢) وهو : عبد السّلام بن هاشل اليشكري ، خرج في الجزيرة أيام المهدي ، واشتدت شوكته وكثر أتباعه ، وقاتله عدد من قوّاد المهدي فهزمهم ، مات سنة ١٦٢ هجرية ٧٧٩ م.
والملاحظ أنه ولد ومات قبل موت الخليل ـ حسب الرأي القائل بأن وفاة الخليل كانت عام ١٧٥ ه بالإضافة إلى خروجه واشتداد شوكته ومحاربة المهدي له ، كل هذا يجعله علما بارزا في تلك الفترة ، ولا أظن الا أن الخليل كان قد سمع به كما سمع به أهل البصرة جميعهم.
وهناك عبد السّلام بن سعد بن حبيب التنوخي الملقب بسحنون (٣) الذي كانت ولادته قبل موت الخليل بخمسة عشر عاما (عام ١٦٠ ه) إذن لم يكن هذا العلم غريبا على أسماع الناس في تلك الفترة ، أو سمي به بعد هذا التاريخ ، وما مضى دليل على أن هذا العلم متداول قبل مجئ الخليل إلى البصرة ، بل قبل ولادته ، وليس معنى استخدام الخليل لهذا العلم أنه يقصد واحدا من هؤلاء ، وإنما كان استخدامه على سبيل التمثيل فقط ، غير أن الاحساس بحداثة هذا العلم هو الذي جعلنا نتوقف أمامه هذا التوقف اليسير ، حتى ننفي حداثته أو الظن بأن استخدام هذا العلم وشهرته بدأ مع العصر المملوكي بالزاهد العالم : العز بن عبد السّلام ـ رحمه الله ـ.
__________________
(١) الأعلام الزركلي ٣ / ١٥٥.
(٢) الأعلام ٤ / ١٠.
(٣) الأعلام ٤ / ٥.