ولعل الناظر في الأعلام السابقة التي أشرنا إلى غرابة التمثيل بها يجد أن هذه الأسماء وأشباهها قريبة من تراث الخليل الذي نسب إليه أو الذي حكي عنه.
وسأكتفي بالتعليق على ثلاثة من تلك الأعلام الواردة في منظومة الخليل.
ففي إحدى المخطوطات ورد على لسان العالم الشيخ أبو الحسن سليمان أبو عبد الله البحراني أثناء ترجمته للخليل ، ومن ضمن ما قاله : «ومن محاسن شعر الخليل قوله في الرد على المنجمين : (١)
أبلغا عني المنجم أني |
|
كافر بالذي قضته الكواكب |
عالما أن ما يكون وما كا |
|
ن قضاء من المهيمن واجب |
ولو أن هذه الأبيات صحيحة النسبة إلى الخليل ـ وما اعتقادنا بصحة نسبة هذين البيتين إلى الخليل بن احمد الفراهيدي واللذين يدلان دلالة واضحة على ارتباطه بالقرآن الكريم كان له ابلغ الاثر في استخدام تلك الاعلام الواردة في منظومته ، وبالتالي يأتي العلم «عبد المهيمن» في نطاق هذا السياق مثل (الله) و (عبد الله) و (عبد السّلام) .. إلخ. كما يدل ذلك أيضا على أن كثيرا مما ينسب إلى الخليل يكون في نسق واحد من استخدامه للألفاظ والمصطلحات أو حتى الأفكار ، فرجل مثل الخليل تقي ورع مؤمن زاهد لا يؤمن بأقوال المنجمين ، وهذا متفق مع طبيعة ما روي عن حياة الخليل.
أما (حوشب) الذي ورد ذكره أكثر من مرة في قصيدة الخليل (٢) النحوية ، فليس المقصود منه إلا التمثيل ، وإن كانت كتب التراجم تشير إلى أن الخليل درس الحديث وفقه اللغة على أيوب السختياني وعاصم الأحول والعوام بن حوشب (٣) كما روى الحديث عن عثمان بن حاضر عن ابن عباس وغالب
__________________
(١) هذا المخطوط عبارة عن رسالة بعنوان واضع علم النحو للشيخ (أبو الحسن سليمان أبو عبد الله البحراني) ، وهو مخطوط محفوظ بمكتبة معالي السيد محمد أحمد البوسعيدي الخاصة تحت رقم (١٦٦) ص ٣٨٦.
(٢) البيتان رقم ٣٠ ، ٢٢٤.
(٣) دائرة المعارف الإسلامية ٨ / ٤٣٦ ، مكانة الخليل بن أحمد في النحو العربي ص ٢٦.