في جوف الليل ، وكانت طائفة من الجن يمرون من هناك ، فلما سمعوا قراءة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم للقرآن أصغوا إليه وقال بعضهم لبعض : اسكتوا وأنصتوا ، فلما أتمّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تلاوته آمنوا به ، وأتوا قومهم كرسل يدعونهم إلى الإسلام ، فآمن لهم جماعة ، وأتوا جميعا الى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فعلّمهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الإسلام ، فنزلت هذه الآيات وآيات سورة الجن (١).
ونقل جماعة عن ابن عباس سبب نزول آخر يقرب من سبب النّزول السابق ، باختلاف : إنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان مشتغلا بصلاة الصبح وكان يقرأ القرآن فيها ، وكان جماعة من الجن في حالة بحث وتحقيق ، إذا كان انقطاع أخبار السماء عنهم قد أقلقهم ، فسمعوا صوت تلاوة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالوا : هذا سبب انقطاع أخبار السماء عنّا ، فرجعوا إلى قومهم ودعوهم إلى الإسلام (٢).
وقد أورد العلّامة الطبرسي في مجمع البيان سببا ثالثا للنزول هنا ، وهو يرتبط بقصة سفر النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الطائف وخلاصته :
بعد وفاة أبي طالب صعب الأمر على النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فرحل إلى الطائف لعله يجد أنصار ، فبرز إليه أشراف الطائف وكذّبوه أشدّ تكذيب ، ورموا النّبي بالحجارة حتى سالت الدماء من قدميه ، فأعياه التعب ، فأتى إلى جنب بستان واستظل بظل نخلة ، وكانت الدماء تسيل منه.
وكان البستان لعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة ، وكانا من أثرياء قريش ، فتأذى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من رؤيتهما لعلمه بعدائهما للإسلام من قبل ، فأرسلا غلامهما «عداسا» ـ وكان رجلا نصرانيا ـ إلى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بطبق من العنب ، فقال النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لعداس : «من أي أرض أنت»؟ قال : من نينوى ، قال : «من مدينة العبد الصالح يونس بن
__________________
(١) تفسير علي بن إبراهيم طبقا لنقل نور الثقلين ، المجلد ٥ ، صفحة ١٩ ، باختصار يسير.
(٢) ورد هذا الحديث الذي أوردنا ملخصه في صحيح البخاري ومسلم ومسند أحمد بصورة مفصلة ، طبقا لنقل في ظلال القرآن ، المجلد ٧ ، صفحة ٤٢٩.