نشور الناس وبعضهم بعد موتهم (١).
ثمّ يبيّن القرآن جانبا من إشكالات الكفّار والمشركين العرب الواهية فيذكر إشكالين منها .. الأوّل هو حكايته منهم : (بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ).
وهذا إشكال طالما أشار إليه القرآن وردّ عليه ، وتكرار هذا الإشكال يدلّ على أنّه من إشكالات الكفّار الأساسية التي كانوا يكرّروها دائما!.
ولم يكن النّبي محمّد صلىاللهعليهوسلم وحده قد أشكلوا عليه بهذا الإشكال ، فالرسل أيضا أشكلوا عليهم أيضا بذلك بقولهم : (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا) (٢)
وكانوا يقولون أحيانا : (ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ) (٣).
وربّما أضافوا أحيانا (لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً). (٤)
إلّا أنّ جميع هذه الأمور كانت حججا واهية وذريعة لعدم التسليم للحقّ.
والقرآن في هذه الآيات محلّ البحث لا يردّ على هذا الإشكال ، لأنّه أجاب عليه مرارا ، وهو إن أردنا أن نرسل ملكا لجعلناه على صورة بشر .. أي أنّ قادة الناس ينبغي أن يكونوا منهم فحسب ليكونوا قادرين على معرفة همومهم وآلامهم ورغباتهم وحاجاتهم ومسائل حياتهم ، وليكونوا أسوة لهم من الناحية العملية ولئلّا يقولوا لو كانوا أمثالنا لما ظلّوا طاهرين أنقياء!
فمناهج الملائكة تتناسب معهم ولا تتناسب مع طموحات البشر وآلامهم :
__________________
(١) وتقدير الكلام هكذا «ق» والقرآن المجيد إنّك لرسول الله» أو .. لتبعثنّ أو أنّ البعث حقّ إلخ.
(٢) سورة ابراهيم ، ١٠.
(٣) سورة المؤمنون ، ٣٣.
(٤) سورة الفرقان ، ٧.