وعمّروا طويلا في قصور مشيّدة .. اهلكوا بسبب إعراضهم عن أمر الله وطغيانهم وعنادهم والشرك والظلم ، وبقيت آثارهم درسا بليغا من العبر للآخرين.
وفي آخر آية من الآيات محلّ البحث إشارة قصيرة إلى عاقبة خامس أمّة من الأمم ، وهي قوم نوح فتقول : (وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) (١).
و «الفاسق» يطلق على من يخرج على حدود الله وأمره ، ويكون ملوّثا بالكفر أو الظلم أو سائر الذنوب.
والتعبير بـ «من قبل» لعلّه إشارة إلى أنّ قوم فرعون وقوم لوط وعادا وثمود كان قد بلغهم ما انتهى إليه قوم نوح من عاقبة وخيمة ، إلّا أنّهم لم يتنبهوا ، فابتلوا بما ابتلي به من كان قبلهم من قوم نوح!
* * *
تعقيب
١ ـ أوجه عذاب الله!
ممّا ينبغي الالتفات إليه أنّه ورد في الآيات الآنفة الإشارة إلى قصص خمس امم من الأمم المتقدّمة «قوم لوط ، فرعون ، عاد ، ثمود ، وقوم نوح» وقد أشير إلى جزاء أربع من هذه الأمم وما عوقبت به ، إلّا أنّه لم ترد الإشارة في كيفية عقاب قوم نوح.
وحين نلاحظ بدقّة نجد كلّ امّة من الأمم الأربع المتقدّم ذكرها عوقبت بنوع من العناصر الأربعة المعروفة! فقوم لوط عوقبوا بالزلزلة والحجارة (من السماء) أي أنّهم أهلكوا بالتراب ، وقوم فرعون أهلكوا بالماء غرقا ـ وعاد أهلكوا بريح صرصر عاتية (سريعة) وثمود أهلكوا بالصاعقة و «النار».
__________________
(١) هناك حذف في الجملة المتقدّمة وتقديره كما يقول «الزمخشري» في «الكشّاف» وأهلكنا قوم نوح من قبل ، بالرغم من أنّ أهلكنا لم تكن في الآيات المتقدّمة إلّا أنّ هذه الكلمة تستفاد منها بصورة جيّدة.