ودلائل هذه القدرة العظيمة واضحة جليّة في عظمة السماوات ونظامها الخاصّ الحاكم عليها أيضا (١).
وهناك كلام بين المفسّرين في المراد من (وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) :
فقال بعضهم معناه توسعة الرزق من قبل الله على العباد بواسطة نزول الغيث ، وقال بعضهم معناه توسعة الرزق من جميع الجهات ، وقال بعضهم معناه غنى الله وعدم حاجته ، لأنّ خزائنه من السعة بحيث لا تنفذ ولا تنقص مهما كان عطاؤه!
إلّا أنّه مع ملاحظة موضوع خلق السماء في الجملة السابقة ومع الأخذ بنظر الإعتبار ما اكتشفه العلماء من اتّساع العالم عن طريق المشاهدات الحسّية المؤيّدة ، يمكن الوقوف على معنى أكثر لطافة لهذه الآية ، وهو أنّ الله خلق السماوات ويوسعها دائما.
والعلم الحديث [المعاصر] يقول ليست الكرة الأرضية وحدها تتضخّم وتثقل على أثر جذب المواد السماوية تدريجا ، بل السماء أيضا في اتّساع دائم ، أي أنّ بعض النجوم المستقرّة في المجرّات تبتعد عن مركز مجرّاتها بسرعة هائلة حتّى أنّ هذه السرعة لها أثرها في الاتّساع في كثير من المواقع!.
ونقرأ في كتاب «حدود النجوم» بقلم الكاتب «فرد هويل» : أنّ أقصى سرعة لابتعاد النجوم عن مركزها حتّى الآن ٦٦ ألف كيلومتر في الثانية ، والمجرّات التي هي أبعد منها ـ في نظرنا ـ ومض نورها قليل جدّا حتّى أنّه من الصعب تحديد سرعتها ، والصور الملتقطة من السماء تدلّ على أهميّة هذا الكشف وأنّ الفاصلة ما
__________________
(١) وقع خطأ أو اشتباه عند بعض المفسّرين وغيرهم هنا ، وينبغي التنويه إليه.
أ ـ قال بعض المفسّرين أنّ للأيد «معنيين» : «القدرة» و «النعمة» مع أنّ الأيد تعني القدرة لغة إلّا أنّ اليد تجمع على أيدي وجمع جمعها أياد تأتي بمعنى القدرة والنعمة ، وقد ذكرنا المعنيين أيضا في الآية (١٧) من سورة ص تبعا للمرحوم الطبرسي صاحب مجمع البيان ونصحّحه هنا ..
ب ـ جاء في المعجم المفهرس لمحمّد فؤاد عبد الباقي ذكر اليد في الآية محلّ البحث بيائيين (أييد) ويظهر أنّ هذا الاشتباه ناشئ من بعض الرسم في كتابة المصاحف وإلّا فإنّ المفسّرين ذكروا معنى القدرة لليد.