وأنّ الآية تشير إلى أصناف الموجودات المختلفة في هذا العالم التي تبدو على شكل زوج زوج كالليل والنهار ، والنور والظلمة ، والبحر واليابسة ، والشمس والقمر ، والذكر والأنثى وغيرها.
إلّا أنّه كما ذكرنا سابقا ذيل الآيات المشابهة لهذه الآيات أيضا أنّ الزوجية في مثل هذه الآيات يمكن أن تكون إشارة إلى معنى أدقّ ، لأنّ كلمة «الزوج» تطلق عادة على جنسي الذكر والأنثى ، سواء في عالم الحيوانات أو النباتات ، وإذا ما توسّعنا في استعمال هذه الكلمة فإنّها ستشمل جميع الطاقات الموجبة والسالبة (ـ و+) ومع ملاحظة ما جاء في القرآن (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ) ويشمل جميع الموجودات لا الموجودات الحيّة فحسب. فيمكنها أن تشير إلى هذه الحقيقة وهي أنّ جميع أشياء العالم مخلوقة من ذرّات موجبة وسالبة ، ومن المسلّم به هذا اليوم من الناحية العلمية أنّ الذرّات مؤلّفة من أجزاء مختلفة ، منها ما يحمل طاقة سالبة تدعى بالألكترون ، ومنها ما يحمل طاقة موجبة وتدعى بالبروتون.
فبناء على ذلك لا داعي أن نفسّر الشيء بالحيوان أو النباتات حتما أو أنّ نفسّر الزوج بمعنى الصنف «لمزيد الإيضاح ذكرنا شرحا مفصّلا ذيل الآية ٧ من سورة الشعراء» وينبغي الالتفات أنّه في الوقت ذاته يمكن الجمع بين التّفسيرين.
وجملة (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ـ تشير إلى أنّ الزوجية والتعدّد في جميع أشياء العالم تذكّر الإنسان بأنّ الله خالق هذا العالم واحد أحد ، لأنّ التثنية والتعدّد من خصائص المخلوقات.
وقد جاءت الإشارة إلى هذا المعنى في حديث عن الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام إذ قال : «بمضادته بين الأشياء عرف أن لا ضدّ له وبمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له ، ضاد النور بالظلمة ، واليبس بالبلل والخشن باللين ، والصرد بالحرور مؤلّفا بين متعادياتها مفرقا بين متدانياتها دالّة بتفريقها على مفرقها ، وبتأليفها على مؤلّفها وذلك قوله : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ