ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ).
فهذه الآيات التي هي في منتهى الوجازة والاختصار تكشف ستارا عن الحقيقة التي يطلبها الجميع ويريدون معرفتها وتجعلنا أمام الهدف العظيم.
توضيح ذلك :
لا شكّ أنّ كلّ فرد عاقل وحكيم حين يقوم بعمل فإنّما يهدف من وراء عمله إلى هدف معيّن ، وحيث أنّ الله أعلم من جميع مخلوقاته وأعرفهم بالحكمة ، بل لا ينبغي قياسه بأي أحد ، فينقدح هذا السؤال وهو لم خلق الله الإنسان؟! هل كان يشعر بنقص فارتفع بخلق الإنسان؟! هل كان محتاجا إلى شيء فارتفع الاحتياج بخلقنا؟
ولكنّنا نعلم أنّ وجوده كامل من كلّ الجهات (ولا محدود في اللّامحدود) وهو غني بالذات!
إذا ، فطبقا للمقدّمة ، الاولى يجب القبول على أنّه كان له هدف ، وطبقا للمقدّمة الثانية ـ ينبغي القبول أنّ هدفه من خلق الإنسان ليس شيئا يعود إلى ذاته المقدّسة.
فالنتيجة ينبغي أن يبحث عن هذا الهدف خارج ذاته ، هذا الهدف يعود للمخلوقين أنفسهم وأساس كمالهم .. هذا من جانب!
ومن جانب آخر ورد في القرآن تعابير كثيرة مختلفة في شأن خلق الإنسان والهدف منه!
فنقرأ في إحدى آياته : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) ، (١) وهنا يبيّن مسألة الامتحان للإنسان وحسن العمل على أنّه هدف (من أهداف خلق الإنسان).
__________________
(١) سورة الملك ، الآية ٦.