وجاء في آية اخرى (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً)!. (١)
وهنا يبيّن القرآن أنّ علمنا بعلم الله وقدرته هو الهدف من خلق السماوات والأرض (وما بينهما).
ونقرأ في آية اخرى (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ). (٢)
وطبقا لهاتين الآيتين فالهدف من خلق الإنسان هو رحمة الله.
والآيات محلّ البحث تستند إلى مسألة العبوديّة فحسب ، وتعبّر عنها بصراحة بأنّها الهدف النهائي من خلق الجنّ والإنس!
وبقليل من التأمّل في مفهوم هذه الآيات وما شابهها نرى أنّه لا تضادّ ولا اختلاف بين هذه الآيات ، ففي الحقيقة بعضها هدف مقدّمي ، وبعضها هدف متوسّط ، وبعضها هدف نهائي ، وبعضها نتيجة!.
فالهدف الأصلي هو «العبودية» وهو ما أشير في هذه الآيات محلّ البحث ، أمّا العلم والامتحان وأمثالهما فهي أهداف ضمن مسير العبودية لله ، ورحمة الله الواسعة نتيجة العبودية لله.
وهكذا يتّضح أنّنا خلقنا لعبادة الله ، لكن المهمّ أن نعرف ما هي حقيقة هذه العبادة؟!
فهل المراد منها أداء المراسم أو المناسك (اليومية) وأمثالها كالركوع والسجود والقيام والصلاة والصوم ، أو هو حقيقة وراء هذه الأمور وإن كادت العبادة الرسميّة كلّها أيضا واجدة للأهميّة!؟
__________________
(١) سورة الطلاق ، الآية ١٢.
(٢) هود الآيتان ١١٨ و١١٩.