في منهاجه اللاحب.
إنّ ملاحظة عدّة مقدّمات ـ يمكن لها ـ أن تسلّط الأضواء على هدفنا للكشف عن هذا المجهول المظلم.
١ ـ نحن دائما نقصد في أعمالنا إلى هدف ما ، وعادة يكون هذا الهدف إشباع حاجة ورفعها وإتمام النواقص. وحتّى الخدمة للآخرين أو إنقاذ مبتلى من بلائه .. أو قمنا بعمل إنساني وآثرنا سوانا على أنفسنا فذلك أيضا نوع من الحاجات المقدّسة ، وبرفعها نزداد معنوية وكمالا!
ولمّا كنّا نقيس أحيانا صفات الله مع أنفسنا فقد يخطر مثل هذا التصوّر وهو ما هي الحاجة عند الله حتّى ترتفع بخلقنا؟ أو إذا كانت الآيات الآنفة تقول (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) فنقول ما هي حاجته إلى العبادة؟!
مع أنّ هذه التصوّرات ناشئة من المقايسة بين صفات الخالق والمخلوق والواجب والممكن؟!
وحيث أنّ وجودنا محدود فإنّنا نسعى وراء إشباع حاجاتنا ، وأعمالنا جميعها تقع في هذا المسير .. إلّا أنّ هذا غير وارد في وجود مطلق ، فينبغي البحث عن هدف أفعاله في غير وجوده ، فهو عين فيّاضة ومبدأ النعمة الذي يكتنف الموجودات في كنف حمايته ورعايته وإنمائه والسلوك بها إلى الكمال ، وهذا هو الهدف الواقعي لعبوديتنا .. وهذه فلسفة عباداتنا وابتهالاتنا ، فهي جميعا دروس تربوية لتكاملنا.
وأساسا فإنّ أصل الخلق هو خطوة تكاملية عظيمة ، أي مجيء الشيء من العدم إلى الوجود ، ومن الصفر إلى مرحلة العدد.
وبعد هذه الخطوة التكاملية العظيمة تبدأ مراحل تكاملية اخرى .. فجميع المناهج الدينية والإلهيّة تسلك بالإنسان في هذا المسير!
٢ ـ وهنا ينقدح هذا السؤال ، وهو إذا كان الهدف من الخلق هو الجود ـ على