العباد ـ من المعبود لا النفع للخالق ، وهذا الجود يتمثّل في تكامل الناس ، فلم لم يخلق الله (الجواد الكريم) العباد كاملين من البداية ـ ليكونوا في جواره وقربه وأن يتمتّعوا ببركات قربه وجوار ذاته المقدّسة!
والجواب على هذا السؤال واضح .. فتكامل الإنسان ليس أمرا يمكن خلقه بالإجبار ، بل هو طريق طويل مديد ، وعلى الناس أن يسيروه ويجوبوه ويقطّعوه بإرادتهم وتصميمهم وأفعالهم الاختيارية.
فمثلا لو أخذ مال باهظ قسرا من أحد لبناء مستشفى ، فهل لهذا العمل من أثر تكاملي روحي وأخلاقي في نفسه؟! قطعا لا! لكن لو أعطى بمحض إرادته ورغبته وميله النفسي ولو درهما واحدا لهذا الهدف المقدّس فإنّه يخطو في طريق التكامل الأخلاقي والروحي بتلك النسبة التي ساهم فيها.
ويستفاد من هذا الكلام أنّ على الله أنّ يبيّن لنا هذا المسير بأوامره وتكاليفه ومناهجه التربوية بواسطة أنبيائه والعقل ليتمّ الإبلاغ بذلك ، فنعرف هذا المسير التكاملي ونطويه باختيارنا وإرادتنا.
٣ ـ وينقدح هنا سؤال ـ آخر أيضا ـ وهو أنّ كلّ هذا حسن ... فالهدف من خلقنا هو التكامل الإنساني ، أو بتعبير آخر القرب من الله وحركة الوجود الناقص نحو الوجود الكامل الذي لا نهاية له ، إلّا أنّه ما الهدف من هذا التكامل؟!
والجواب يتّضح بهذه الجملة أيضا وهو أنّ التكامل هو الهدف النهائي أو بتعبير آخر «غاية الغايات».
وتوضيح ذلك : لو سألنا طالب المدرسة علام تدرس أو لم تدرس؟! فيجيب حتّى أدخل الجامعة!
ولو سألناه ثانية ما تستفيد من الجامعة؟ فيقول مثلا سأكون طبيبا أو مهندسا جديرا!
فتقول له ما تصنع بشهادة «الدكتوراه» أو الهندسة؟ فيقول : لأبرز نشاطاتي