المتقدّم ذكرها في هذه السورة كقوم لوط وقوم فرعون وعاد وثمود الذين نال كلّا منهم نوع من العذاب في الدنيا وهلكوا به جميعا.
وهنا ينقدح هذا السؤال ، وهو إذا كانت الآية تشير إلى عذاب الدنيا فلم لا يتحقّق الوعد الإلهي في شأنهم؟!
وهذا السؤال له جوابان :
١ ـ إنّ هذا الوعد تحقّق في شأن كثير منهم كأبي جهل وجماعة آخرين في غزوة بدر وغيرها.
٢ ـ نزول العذاب على جميعهم مشروط بعدم الرجوع نحو الله وعدم التوبة من الشرك ، ولمّا آمن معظمهم في فتح مكّة .. فإنّ هذا الشرط أصبح منتفيا فلم ينزل عذاب الله.
وفي الآية الأخيرة استكمال لعذاب الدنيا بعذاب الآخرة إذ تقول : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ).
وكما أنّ هذه السورة بدئت بمسألة المعاد والقيامة ، فإنّها انتهت بالتأكيد عليها كذلك (١)!.
كلمة «الويل» تستعمل في لغة العرب عند ما يقع فرد ما أو أفراد في الهلاك .. كما تعني العذاب والشقاء ، وقال بعضهم في الويل معنى أشدّ من العذاب.
وكلمات الويل والويس ، والويح تستعمل في لغة العرب لإظهار التأسّف والتأثّر ، غاية ما في الأمر .. تستعمل كلمة «ويل» لمن يعمل أعمالا قبيحة ، أمّا «ويس» فتستعمل في مقام التحقير ، وكلمة «ويح» تستعمل في موضع الترحّم.
قال بعضهم أنّ «ويلا» بئر من آبار جهنّم أو باب من أبوابها ، غير أنّ مراد القائلين لا يعني بأنّ هذه الكلمة جاءت في اللغة بهذا المعنى فحسب ، بل هي في
__________________
(١) يرى بعض المفسّرين أنّ هذه الآية تشير إلى عذاب الدنيا. مع أنّ مثل هذا التعبير في القرآن يكون ليوم القيامة غالبا ..