والحزن لوقوع حادثة غير مطلوبة!.
ثمّ تبيّن الآيات من هم «المكذّبون» فتقول : (الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ).
فيزعمون أنّ آيات القرآن ضرب من الكذب والافتراء وأنّ معجزات النّبي سحر وأنّه مجنون ، ويتلقّون جميع الحقائق باللعب ويسخرون منها ويستهزئون بها ويحاربون الحقّ بالكلام الباطل غير المنطقي ، ولا يأبون من أيّة تهمة أو كذب في سبيل الوصول إلى مآربهم.
«خوض» على وزن حوض ـ معناه الدخول في الكلام الباطل ، وهو في الأصل ورود الماء والعبور منه.
ثمّ تبيّن الآيات ذلك اليوم وعاقبة هؤلاء المكذّبين في توضيح آخر : فتقول : (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) (١) أي يساقون نحو جهنّم بعنف وشدّة.
ويقال لهم حينئذ : (هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ).
كما يقال لهم أيضا : (أَفَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ)؟!
لقد كنتم تزعمون في الدنيا إنّ ما جاء به محمّد سحر ، وقد أخذ السحر عن ساحر آخر ، فغطّى على أعيننا ليصرفها عن الحقائق وليختطف عقولنا! ويرينا أمورا على أنّها معاجز ، ويذكر لنا كلاما على أنّه وحي منزل من الله ، إلّا أنّ جميع ذلك لا أساس له وما هو إلّا السحر!!
لذلك فحين يردون نار جهنّم يقال لهم بنحو التوبيخ والملامة والاحتقار وهم يلمسون حرارة النار : أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون؟!
كما يقال لهم هناك أيضا : (اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
أجل هذه هي أعمالكم وقد عادت إليكم ، فلا ينفع الجزع والفزع والآه
__________________
(١) دعّ على وزن جدّ معناه الدفع الشديد والسوق بخشونة وعنف و «اليوم» في الآية منصوب على الظرفية أو البدلية من يومئذ في الآية السابقة.