ثمّ تضيف الآية : (وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ) كلمة : «باسقات» جمع باسقة بمعنى الشجرة المرتفعة العالية و «الطلع» ثمر النخل وما يكون منه الرطب والتمر بعدئذ ، وكلمة «النضيد» معناها المتراكم بشكل دقيق ، والمعروف أنّ عذق النخل قبل أن ينشقّ ، يحمل داخله طلعا متراكبا متراكما وحين ينشقّ هذا الطلع يكون مذهلا وعجيبا.
والآية الأخيرة من الآيات محلّ البحث تقول : (رِزْقاً لِلْعِبادِ وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ) (١).
وهكذا فانّ هذه الآيات ضمن بيان النعم العظمى للعباد وتحريك إحساس الشكر فيهم في مسير المعرفة تذكّرهم بأنّهم يرون مثلا للمعاد كلّ سنة في حياتهم في هذه الدنيا ، فالأرض الميتة الخالية واليابسة تهتزّ وتنبت النباتات عليها عند نزول قطرات الغيث وكأنّ أصداء القيامة تترنّم على شفاه النباتات قائلة : «وحده لا شريك له».
فهذه الحركة العظيمة نحو الحياة في عالم النباتات تكشف عن هذه الحقيقة ، وهي أنّ بارئ عالم الموجودات قادر على إحياء الموتى مرّة اخرى ، لأنّ وقوع الشيء أقوى دليل على إمكانه!
* * *
__________________
(١) بحثنا هذا الموضوع في آيات اخرى أيضا فراجع ذيل الآية (٩) من سورة فاطر وذيل الآيات الأخيرة من سورة (يس).