وعليكم أن تنتظروا أن ينطوي بموتى بساط الإسلام!! وأنا بعون الله أنتظر أن أجعل الإسلام يستوعب العالم كلّه في حياتي وأن يبقى بعد حياتي أيضا مواصلا طريقه دائما!
أجل .. إنّما تعوّلون على تصوراتكم وخيالاتكم ، وأنا أعتمد على لطف الله الخاصّ سبحانه.
ثمّ يوبّخهم القرآن توبيخا شديدا فيقول في شأنهم : (أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ) (١).
كان سراة قريش يعرفون بين قومهم بعنوان «ذوي الأحلام» ، أي أصحاب العقول ، فالقرآن يقول : أي عقل هذا الذي يدّعي بأنّ وحي السماء ـ الذي تكمن فيه دلائل الحقّ والصدق ـ شعر أو كهانة؟! وأن يزعم بأنّ حامله «النبي» الذي عرف بالصدق والأمانة منذ عهد بعيد ، بأنّه شاعر أو مجنون!؟
فبناء على ذلك ينبغي أن يستنتج أنّ هذه التّهم والافتراءات ليست ممّا تقول به عقولهم وتأمرهم به ، بل أساسها طغيانهم وتعصّبهم وروح العصيان والتمرّد .. فما أن وجدوا منافعهم غير المشروعة في خطر حتّى ودّعوا العقل!! ولوّوا رؤوسهم نحو الطغيان عنادا عن اتّباع الحقّ!.
«الأحلام» جمع حلم ومعناه العقل ، ولكن كما يقول الراغب في مفرداته أنّ الحلم في الحقيقة بمعنى ضبط النفس والتجلّد عند الغضب ، وهو واحد من دلائل العقل والدراية ، ويشترك مع الحلم على زنة العلم ـ في الجذر اللغوي!.
وكلمة «الحلم» قد تأتي بمعنى الرؤيا والمنام ولا يبعد مثل هذا التّفسير في
__________________
(١) هناك احتمالات وأقوال بين المفسّرين في معنى «أم» هنا أهي استفهامية أم منقطعة وبمعنى بل كلّ له رأيه فيها وإن كان الرأي الثاني أكثر ترجيحا عندهم ، إلّا أنّ سياق الآيات يتناسب والمعنى الأوّل غير أنّه ينبغي أن يعرف بأنّ أم في مثل هذه المواطن ينبغي أن تكون مسبوقة بهمزة الاستفهام ولذلك فإنّ الفخر الرازي قدر لها ما يلي : «أأنزل عليهم ذكر أم تأمرهم أحلامهم بهذا» وهو يشير إلى أنّ الإسلام ينبغي أن يتّبع دليل أو النقل أو العقل!.