الآية محلّ البحث .. فكأنّ كلماتهم ناتجة عن أحلامهم الباطلة!!
ومرّة اخرى يشير القرآن إلى اتّهام آخر ـ من اتّهاماتهم ـ الذي يعدّ الرابع في سلسلة اتّهاماتهم فيقول : (أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ).
«تقوّله» : مشتقّ من مادّة تقوّل ـ على وزن تكلّف ـ ومعناه الكلام الذي يفتعله الإنسان بينه وبين نفسه دون أن يكون له واقع (١).
وهذه ذريعة اخرى من ذرائع المشركين والكفّار المعاندين لئلّا يستسلموا أمام القرآن المجيد ودعوة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد تكرّرت الإشارة إليها مرارا عديدة في آيات القرآن!.
غير أنّ القرآن يردّ عليهم ردّا يدحرهم ويتحدّاهم متهكما فيقول : (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ).
فأنتم أناس مثله ولديكم العقل والقدرة على البيان والاطلاع والخبرة على أنواع الكلام فلم لا يأتي مفكّروكم وخطباؤكم وفصحاءكم بمثل هذا الكلام!.
وجملة «فليأتوا» أمر تعجيزي ، والهدف منه بيان عجزهم وعدم قدرتهم على مجاراة القرآن.
وهذا ما يعبّر عنه في علم الكلام والعقائد بالتحدّي أي دعوة المخالفين إلى المعارضة والإتيان بالمثل «في مواجهة المعجزات!».
وعلى كلّ حال ، فهذه آية من الآيات التي تبيّن إعجاز القرآن بجلاء ، ولا يختصّ مفهومها بمن عاصروا النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بل يشمل جميع الذين يزعمون ـ بأنّ القرآن كلام بشر ، وأنّه مفترى على الله ـ على امتداد القرون والأعصار ، فهم مخاطبون بهذه الآية أيضا .. أي هاتوا حديثا مثله إن كنتم تزعمون بأنّه ليس من الله وأنّه كلام بشر.
__________________
(١) يقول صاحب مجمع البيان : التقوّل : تكلّف ولا يقال ذلك إلّا في الكذب.