وكما نعلم بأنّ نداء القرآن في هذه الآية والآيات المشابهة كان عاليا أبدا ، ولم يستطع أي إنسان خلال أربعة عشر قرنا ـ منذ بعثة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى يومنا هذا ـ أن يرد بجواب إيجابي.
ومن المعلوم أنّ أعداء الإسلام وخاصّة أصحاب الكنيسة واليهود ينفقون ما لا يحصى من الأموال الطائلة للتبليغ ضدّ الإسلام ، فما كان يمنعهم أن يدعوا قسما منها تحت تصرّف أصحاب الفكر والقلم المخالفين لينهضوا بوجه معارضة القرآن ويكونوا مصداقا لقوله تعالى : (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ) وهذا العجز «العمومي» شاهد حي على أصالة هذا الوحي السماوي!
يقول بعض المفسّرين في هذا الصدد شيئا جديرا بالملاحظة فلا بأس بالالتفات والإصغاء إليه ...
«إنّ في هذا القرآن سرّا خاصا يشعر به كلّ من يواجه نصوصه ابتداء قبل أن يبحث عن مواضع الإعجاز فيها .. إنّه يشعر بسلطان خاصّ في عبارات هذا القرآن يشعر أنّ هنالك شيئا ما وراء المعاني التي يدركها العقل من التعبير وأنّ هنالك عنصرا ما ينسكب في الحسّ بمجرّد الاستماع لهذا القرآن ، يدركه بعض الناس واضحا ويدركه بعض الناس غامضا ، ولكنّه على كلّ حال موجود .. هذا العنصر الذي ينسكب في الحسّ ، يصعب تحديد مصدره ، أهو العبارة ذاتها؟! أهو المعنى الكامن فيها ، أهو الصور والضلال التي تشعّها؟ أهو الإيقاع القرآني الخاصّ المتميّز من إيقاع سائر القول المصوغ من اللغة؟. أهي هذه العناصر كلّها مجتمعة؟. أم أنّها هي وشيء آخر وراءها غير محدود!
ذلك سرّ مستودع في كلّ نصّ قرآني ، يشعر به كلّ من يواجه نصوص هذا القرآن ابتداء .. ثمّ تأتي وراءه الأسرار المدركة بالتدبير والنظر والتفكير في بناء