يكون موجودا قبل وجوده ، ويلزم منه اجتماع النقيضين [فلاحظوا بدقّة].
وكذلك الاحتمال الثالث وهو أنّ مخلوقات الإنسان خلقته ، وهو واضح البطلان إذ يلزم منه الدور!.
وكذلك الاحتمال الرابع وهو تسلسل العلل وترتّب العلل والمعلول إلى ما لا نهاية أيضا محال ، لأنّ سلسلة المعلولات اللّامحدودة مخلوقة ، والمخلوق مخلوق ويحتاج إلى خالق أوجده ، ترى هل تتحوّل الأصفار التي لا نهاية لها إلى عدد؟! أو ينفلق النور من ما لا نهاية الظلمة؟! وهل يولد الغنى من ما لا نهاية له في الفقر والفاقة؟
فبناء على ذلك لا طريق إلّا القبول بالاحتمال الخامس ، أي خالقية واجب الوجود [فلاحظوا بدقّة أيضا].
وحيث أنّ الركن الأصلي لهذا البرهان هو نفي الاحتمال الأوّل والثاني فإنّ القرآن اقتنع به فحسب.
والآن ندرك جيّدا وجه الاستدلال في هذه العبارات الموجزة!
الآية التالية تثير سؤالا آخر على الادّعاء في المرحلة الأدنى من المرحلة السابقة فتقول : (أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ).
فإذا لم يوجدوا من دون علّة ولم يكونوا علّة أنفسهم أيضا ، فهل هم واجبو الوجود فخلقوا السماوات والأرض؟! وإذا لم يكونوا قد خلقوا الوجود ، فهل أو كل الله إليهم أمر خلق السماء والأرض؟ فعلى هذا هم مخلوقون وبيدهم أمر الخلق أيضا!!.
من الواضح أنّهم لا يستطيعون أن يدّعوا هذا الادّعاء الباطل ، لذلك فإنّ الآية تختتم بالقول : (بَلْ لا يُوقِنُونَ)!
أجل ، فهم يتذرّعون بالحجج الواهية فرارا من الإيمان!
ثمّ يتساءل القرآن قائلا : فإذا لم يدّعوا هذه الأمور ولم يكن لهم نصيب في