وألقوه في البئر في آخر الأمر «من معاني الرسّ هو البئر» والمعنى الآخر الأثر اليسير الباقي من الشيء ، وقد بقي من هؤلاء القوم الشيء اليسير في ذاكرة التاريخ!.
ويرى بعض المفسّرين أنّهم «قوم شعيب» لأنّهم كانوا يحفرون الآبار ، ولكن مع الالتفات إلى أنّ «أصحاب الأيكة» المذكورين في الآيات التالية هم قوم شعيب أنفسهم ينتفي هذا الاحتمال أيضا.
وقال بعض المفسّرين : هم بقايا قوم ـ صالح ـ أي ثمود ، ومع الالتفات إلى ذكر ثمود على حدة في الآية فإنّ هذا الاحتمال يبدو بعيدا أيضا.
فعلى هذا يكون التّفسير الأوّل هو الأنسب ، وهو ما اشتهر على أقلام المفسّرين وألسنتهم!.
ثمّ يضيف القرآن قائلا : (وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوانُ لُوطٍ) والمراد بإخوان لوط هم قومه ، وقد عبّر القرآن عن لوط بأنّه أخوهم ، وهذا التعبير مستعمل في اللغة العربية بشكل عام.
وكذلك من بعدهم : (وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ). والأيكة : معناها الأشجار الكثيرة المتداخلة بعضها ببعض ـ أو الملتفّة أغصانها ـ و «أصحاب الأيكة» هم طائفة من قوم شعيب كانوا يقطنون منطقة غير «مدين» وهي منطقة ذات أشجار كثيرة (١)!
والمراد من «قوم تبّع» طائفة من أهل اليمن ، لأنّ «تبّع» لقب لملوك اليمن ، باعتبار أنّ هؤلاء القوم يتبعون ملوكهم ، وظاهر تعبير القرآن هنا وفي آية اخرى منه (٣٧ ـ الدخان) هو ملك مخصوص من ملوك اليمن اسمه (أسعد أبو كرب) كما نصّت عليه بعض الرّوايات ، ويعتقد جماعة من المفسّرين بأنّه كان رجلا صالحا
__________________
(١) لمزيد الإيضاح يراجع ذيل الآيات (٧٨) من سورة الحجر و (١٧٦) من سورة الشعراء.