وهكذا فإنّ الله أقسم بطلوع الكواكب وغروبها أيضا ، لأنّ ذلك دليل على حدوثها وإسارتها في قبضة قوانين الخلق (١).
لكن لنعرف لم أقسم الله بالنجم؟ الآية التالية توضّح ذلك فتقول : (ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى).
فهو يخطو في مسير الحقّ دائما ، وليس في أقواله ولا في أعماله أيّ انحراف! والتعبير بـ «الصاحب» أي الصديق أو المحبّ لعلّه إشارة إلى أنّ ما يقوله نابع من الحبّ والشفقة!
والكثير من المفسّرين لم يفرّقوا بين «ضلّ» و «غوى» بل عدّوا كلّا منهما مؤكّدا للآخر ، إلّا أنّ بعضهم يعتقد أنّ بينهما فرقا وتفاوتا! فالضلال هو أن لا يجد الإنسان طريقا إلى هدفه ، والغواية هي أن لا يخلو طريقه من إشكال أو لا يكون مستقيما. فالضلال كالكفر مثلا والغواية كالفسق والذنب .. إلّا أنّ «الراغب» يقول في الغي : انّه الجهل الممزوج بالاعتقاد الفاسد.
فبناء على ذلك فالضلالة معناها مطلق الجهل وعدم المعرفة ، إلّا أنّ الغواية جهل ممزوج أو مشوب بالعقيدة الباطلة.
وعلى كلّ حال فإنّ الله سبحانه يريد بهذه العبارة الموجزة أن ينفي كلّ نوع من أنواع الانحراف والجهل والضلال والخطأ عن نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وأن يحبط ما وجّهه أعداؤه إليه من التّهم في هذا الصدد.
ومن أجل التأكيد على هذا الموضوع وإثبات أنّ ما يقوله هو من الله فإنّ القرآن يضيف قائلا : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى).
وهذا التعبير مشابه التعبير الاستدلالي الوارد في الآية آنفة الذكر في صدد نفي الضلالة والغواية عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لأنّ أساس الضلال غالبا ما يكون من اتّباع
__________________
(١) وما ورد في بعض الرّوايات من أنّ المراد بالنجم هو شخص النّبي والمراد من هوى هو نزوله من السماء في ليلة المعراج ، فهذا التّفسير في الحقيقة يعدّ من بطون الآية لا من ظاهرها!