وهذا التفاوت في عدد الكبائر هو لأنّ الذنوب الكبيرة ليست بمرتبة واحدة ، فبعضها أهمّ من بعض ، وبتعبير آخر يعدّ أكبر الكبائر ، فبناء على هذا لا تضادّ بين الرّوايات في اختلاف العدد.
٣ ـ تزكية النفس :
«تزكية النفس» قبيح إلى درجة أنّها يضرب بها المثل! فيقال تزكية المرء نفسه قبيحة.
وأساس هذا العمل القبيح وأصله عدم معرفة النفس ، لأنّ الإنسان إذا عرف نفسه حقّا تصاغر أمام عظمة الخالق ورأى أعماله لا شيء لما عليه من مسئولية ، ولما وهبه الله من النعم العظيمة ، وإذا لما خطا أيّة خطوة نحو تزكية النفس.
والغرور والغفلة والاستعلاء والأفكار الجاهلية أيضا بواعث أخر على هذا العمل القبيح!
وحيث أنّ تزكية النفس تكشف عن إعتقاد الإنسان بكماله فهي مدعاة إلى تخلّفه! لأنّ رمز التكامل الاعتراف بالتقصير وقبول وجود النواقص والضعف!
ومن هنا نرى أولياء الله يعترفون بتقصيرهم أمام الله وما عليهم من وظائف من قبله! وينهون الناس عن تزكية النفس وتعظيم أعمالهم!.
فقد ورد عن الإمام الباقر عليهالسلام في تفسير الآية الكريمة (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ) أنّه قال : «لا يفتخر أحدكم بكثرة صلاته .. وصومه وزكاته ونسكه لأنّ الله عزوجل أعلم بمن اتّقى» (١).
ويقول الإمام أمير المؤمنين علي عليهالسلام في إحدى رسائله إلى معاوية مشيرا إلى هذا المضمون في ما يقول : «ولو لا ما نهى الله عنه من تزكية المرء نفسه لذكر
__________________
(١) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ١٦٥.