فيجيب الإمام عليهالسلام : إن كانت الحفظة لا تسمع فإنّ عالم السرّ يسمع ويرى» (١).
ويستفاد من هذه الرّوايات أنّ الله سبحانه يكتم بعض أحاديث المؤمن التي فيها (جانب سرّي) احتراما وإكراما له ، إلّا أنّه حافظ لجميع هذه الأسرار.
ويستفاد من بعض الرّوايات أنّ حفظة الليل غير حفظة النهار ، كما بيّنا هذا المعنى في تفسير الآية ٧٨ من سورة الإسراء من نفس هذا التّفسير.
* * *
ملاحظة
الحبيب أقرب إلى الإنسان من نفسه!!
يقول بعض الفلاسفة : كما أنّ شدّة البعد توجب الخفاء فإنّ شدّة القرب كذلك ، فمثلا لو كانت الشمس بعيدة عنّا جدّا لما رأيناها ولو كانت قريبة منّا جدّا أو اقتربنا منها كثيرا فإنّ نورها سيذهلنا إلى درجة بحيث لا نستطيع رؤيتها.
وفي الحقيقة إنّ ذات الله المقدّسة كذلك : «يا من هو اختفى لفرط نوره»!
وفي الآيات محلّ البحث تشبيه رائع لقرب الله إلى العباد إذ قالت حاكية عنه سبحانه: (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) أي أنّ الله أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد.
والتشبيهات التي تقول مثلا العالم جميعه جسم والله روحه ، أو العالم كشعاع الشمس وهو قرصها وأمثال هذه لا يمكن أن توضّح العلاقة القريبة كما وصفتها الآية.
ولعلّ أفضل تعبير هو ما ورد على لسان أمير المؤمنين عليهالسلام في خطبته الاولى من نهج البلاغة إذ قال عنه سبحانه : «مع كلّ شيء لا بمقارنة وغير كلّ شيء لا
__________________
(١) اصول الكافي طبقا لما نقل في نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ١١٠.