تعالى : (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى). (١)
والحقيقة أنّ هذا التشبيه هو ما ورد أيضا في الآية (٤) من سورة القارعة حيث يقول سبحانه : (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ).
وأمّا قوله تعالى : (مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ) فإنّ كلمة «مهطعين» تأتي من مادّة (إهطاع) أي مدّ الرقبة ، والبعض يرجعها إلى النظر بانتباه أو الركض بسرعة نحو الشيء ، ويحتمل أن تكون كلّ واحدة من هذه المعاني هي المقصودة ، ولكن المعنى الأوّل هو الأنسب ، لأنّ الإنسان عند سماعه لصوت موحش يمدّ رقبته على الفور وينتبه إلى مصدر الصوت ، ويمكن أن تكون هذه المفاهيم مجتمعة في الآية الكريمة حيث أنّ بمجرّد سماع صوت الداعي الإلهي تمدّ الرقاب إليه ثمّ يتبعه التوجّه بالنظر نحوه ، ثمّ الإسراع إليه والحضور في المحكمة الإلهيّة العادلة عند دعوتهم إليها.
وهنا يستولي الخوف من الأهوال العظيمة لذلك اليوم على وجود الكفّار والظالمين ، لذا يضيف سبحانه معبّرا عن حالة البؤس التي تعتري الكافرين بقوله : (يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ).
والحقّ أنّه يوم صعب وعسير. وهذا ما يؤكّده البارئ عزوجل بقوله : (وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً). (٢)
ويستفاد من هذا التعبير أنّ يوم القيامة يوم غير عسير بالنسبة للمؤمنين.
* * *
__________________
(١) الحجّ ، ٢.
(٢) الفرقان ، ٢٦.