يستطيع أن يبلغ رسالة سماوية حيث مقتضى ضرورة التبليغ للرسالات السماوية ـ حسب رأيهم ـ أن يكون النّبي أو الرّسول (ملكا).
وطبعا يمكن الجمع بين هذه التفاسير الثلاثة.
وعلى كلّ حال ، فإنّ ادّعاءات قوم صالح كانت واهية وغير منطقية.
(سعر) على وزن (حمر) جمع سعير ، وفي الأصل بمعنى اشتعال النار وهيجانها ، وفي بعض الأحيان بمعنى (جنون) لأنّ الإنسان المجنون يكون في حالة هيجان خاصّة ، لذا يقال في بعض الأحيان ناقة مسعورة.
ويحتمل أنّ قوم ثمود أخذوا هذا التعبير من نبيّهم (صالح) عليهالسلام حيث كان يقول لهم : إذا لم تتخلّوا عن عبادة الأصنام وتستجيبون إلى دعوة الله فإنّكم في «ضلال وسعر» ، وكان ردّهم : (أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) وعلى كلّ حال فإنّ ذكر كلمة (سعر) بصيغة الجمع جاءت هنا للتأكيد والاستمرار ، سواء كان معناها الجنون أو اشتعال النار.
وتزداد اللجاجة والعناد في قوم ثمود فيتساءلون : إذا أريد نزول الوحي على إنسان ، فلما ذا اختّص بصالح من بيننا ، مع وجود الشخصيات الأكثر مالا والأقوى اعتبارا : (أُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا).
وفي الحقيقة أنّ هذه الأقوال لها شبه كبير بأقوال مشركي مكّة ، ذلك أنّهم شكّكوا برسالة النّبي بأقوال مماثلة : (ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ ، لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً). (١)
وتارة يقولون : (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ). (٢)
ثمّ تساءلوا : إذا قدّر لبشر أن يتصدّى لمهمّة الرسالة الإلهيّة ، فلما ذا كان الإختيار لأشخاص مغمورين ليس لهم ظهير من عشيرة ولا كثرة من مال ...
__________________
(١) الفرقان ، ٧.
(٢) الزخرف ، ٣١.