سبحانه هذا الاختبار لهم بقوله : (وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ) (١) يوم لهم ويوم للناقة.
ومع أنّ القرآن الكريم لم يوافنا بتفاصيل أكثر حول هذا الموضوع ، ولكن كما يذكر الكثير من المفسّرين فإنّ ناقة صالح عليهالسلام كانت تشرب كلّ الماء يوم يكون شربها ، ويعتقد البعض الآخر أنّ هيئتها ووضعها كانا بشكل يدفع الحيوانات إلى الفرار من الماء عند ما تقترب الناقة نحوه ، ولذلك فإنّهم اقترحوا حلا وهو : أن يكون الماء يوما لهم وآخر للناقة.
وعلى كلّ حال فإنّ هؤلاء القوم وقعوا في مضيقة من ناحية الماء ، ولم يطيقوا وجود الناقة ومشاطرتها لمائهم يوما كاملا خصوصا ما يحتمله بعض المفسّرين من شحّة الماء في القرية (مع العلم أنّ هذا لا يتناسب مع ما ذكر في الآيات (١٤٦ ـ ١٤٨) من هذه السورة ، حيث المستفاد من هذه الآيات أنّ هؤلاء القوم كانوا يعيشون في أرض مليئة بالبساتين والعيون).
وعلى كلّ حال فإنّ قوم ثمود المتمردّين عقدوا العزم على قتل الناقة ، في الوقت الذي حذّرهم نبيّهم صالح عليهالسلام من مسّها بسوء ، وأخبرهم بأنّ العذاب الإلهي سيقع عليهم بعد فترة وجيزة إن فعلوا ذلك.
ونظرا لاستخفافهم بهذا التحذير (فقد نادوا أحد أصحابهم حيث تصدّى للناقة وقتلها) يقول الله سبحانه : (فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ).
ويمكن أن يكون المراد بـ (صاحب) أحد رؤساء ثمود ، وكان أحد أشرارهم المعروفين ويعرف في التاريخ بـ (قدارة بن سالف) (٢).
و (تعاطى) في الأصل بمعنى تناول الشيء ، أو تبنّى الموضوع وتقال أيضا
__________________
(١) «محتضر» اسم مفعول من مادّة (حضور) و (شرب) بمعنى السهم والنوبة الخاصّة بالماء ، وبناء على ذلك فإنّ مفهوم جملة (كلّ شرب محتضر) أي أنّ توبة كلّ شخص من الماء حاضرة له ، ولا يحقّ للآخرين الحضور والتزاحم عليها.
(٢) قدارة على وزن (منارة) ـ كان رجلا قبيح الشكل والسيرة ، ومن أكثر الأشخاص شؤما في التاريخ.