يقول سبحانه : (وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ) (١).
المقصود من (آل فرعون) ليسوا أهل بيته ومتعلّقيه فقط ، بل يشمل كلّ أتباعه بصورة عامّة ، لأنّ كلمة (آل) وبالرغم من أنّها تستعمل في الغالب لأهل البيت والعائلة ، إلّا أنّ معناها أوسع من ذلك ، حيث تأتي بالمعنى الذي ذكر ، والقرائن العامّة في هذا المورد تؤيّد هذا المعنى الواسع لها.
(نذر) على وزن (كتب) وهي جمع نذير ، وبمعنى «المنذر» سواء كان هذا المنذر إنسانا أو حادثة من الحوادث التي تحذّر الإنسان من عاقبة أعماله ، وفي الحالة الاولى يمكن أن يكون المقصود في الآية أعلاه (موسى وهارون) عليهماالسلام ، وفي الصورة الثانية إشارة إلى المعجزات التسع لموسى عليهالسلام ، ومن خلال ملاحظة الآية التي بعدها تشير إلى أنّ المعنى الثاني هو الأنسب.
والآية اللاحقة تكشف عن ردّ الفعل لآل فرعون من دعوة النبيين الإلهيين عليهماالسلام، والإنذارات التي وجّهوها لهم حيث يقول الله سبحانه : (كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها).
نعم إنّ هؤلاء المغرورين من الجبابرة والمعاندين قد أنكروا كلّ الآيات الإلهيّة وبدون استثناء ، وحسبوها سحرا وكذبا وصدفة.
(آيات) لها معنى واسع تشمل الدلائل العقلية والمعجزات والدلائل النقلية ، وعند ملاحظة قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ) يتبيّن لنا أنّ المقصود بـ (الآيات) هنا هي المعجزات التسع لموسى عليهالسلام (٢).
__________________
(١) (نذر) بالإضافة إلى كونها جمع (نذير) ، فإنّها تعطي أيضا معنى المصدر أو اسم المصدر ، ولكون المصدر يطلق على المعنى الوصفي أيضا ، لذا يمكن جمع الإثنين في مفهوم واحد.
(٢) المعجزات التسع لموسى عليهالسلام وبالنظر إلى الآيات القرآنية المختلفة فهي عبارة عن : «تبديل العصا لثعبان عظيم» (طه / ٢٠) (٢) «يد بيضاء» ولمعان يد موسى عليهالسلام كمصدر نور (طه / ٢٢) (٣) الطوفانات المحطّمة الأعراف / ١٣٣ (٤) (الجراد) الذي سلّط على المزارع ، (٥) (والقمل) (وهو نوع من الآفات الزراعية) ، (٦) (الضفادع) التي خرجت من نهر النيل وبعد مدّة قصيرة غطّت سطحه (٧) (الدم) حيث أصبح لون نهر النيل بلون الدم (الأعراف / ١٣٣) ، (٨) ، (٩) عدم نزول الأمطار ونقص الثمرات (الأعراف / ١٣٠).