وتقدير ، فالأرض والسماء والكائنات الحيّة والموجودات الجامدة وأعضاء الإنسان ومستلزمات الحياة كلّها خلقت بقدر معلوم ، ولا يوجد شيء في هذا الوجود بدون حساب وتقدير ، لأنّ الخلّاق عليم حكيم ومقدّر.
ثمّ يضيف تعالى إنّه ليست أعمالنا موافقة للحكمة فحسب ، بل انّها مقترنة مع القدرة والحسم ، لأنّه : (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ).
وتتجسّد الإرادة الربّانية والأوامر الإلهيّة من خلال كلمة «كن» فيترتّب على ذلك فورا وجود الشيء. (حتّى كلمة «كن» جاءت من باب ضيق البيان ، وإلّا فإنّ الإرادة الإلهيّة متحقّقة بمجرّد الإرادة).
ولذلك فإنّ اليوم الذي تقوم فيه الساعة يحدث بأمر الله بلمح البصر ، وكلّ شيء يكون في مسار الآخرة حينئذ ، وتبعث الحياة من جديد في الأبدان.
كما أنّ المشيئة الإلهية في مجازاة المجرمين بالصواعق والصيحات السماوية والزلازل والطوفان والرياح العاتية ... كلّ ذلك يحدث بمجرّد الأمر الإلهي وبدون تأخير.
إنّ هذه الإنذارات الموجّهة للعصاة والمذنبين كلّها من أجل أن يعلموا أنّ الله ، كما هو حكيم في أمره فإنّه حازم في فعله ، فهو حكيم في عين الحزم ، وحازم في عين الحكمة ، فليحذروا مخالفة تعاليمه وأوامره.
وفي الآية اللاحقة يخاطب الكفّار والمجرمين مرّة اخرى ، ويلفت انتباههم. إلى مصير الأقوام السابقة حيث يقول : (وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ).
«أشياع» جمع (شيعة) وتطلق على الأتباع الذين ينشرون ويشيعون ما يرتبط بالشخص المتّبع في كلّ الحالات ويسندونه ويناصرونه ، وإذا استعملت بمعنى (تابع) فإنّها تكون بنفس القصد.
ومن الطبيعي فإنّ الأقوام السابقة لم يكونوا أتباعا وشيعة لمشركي مكّة وأمثالهم ، بل العكس هو الصحيح ، ولكن بما أنّ المؤيّدين لشخص ما يشبّهونه في