سلوكه ، لذا فإنّ هذا المصطلح يطلق على الشبيه والمماثل أيضا.
ويجدر بنا القول بأنّ هذه الطائفة من مشركي مكّة كانوا يستعينون ويستفيدون من الخطّ الفكري الذي كانت الأقوام السابقة عليه ، ولهذا السبب فإنّ كلمة (أشياع) أطلقت على الأقوام السابقة.
وعلى كلّ حال ، فإنّ الآية الكريمة تؤكّد هذه الحقيقة مرّة اخرى ، وهي أنّ أعمال مشركي قريش وممارساتهم هي نفس أعمال وممارسات وعقائد الأقوام السابقة ، لذا فلا يوجد دليل على أنّ مصيركم سوف يكون أفضل من مصيرهم ، فاتّعظوا وعوا.
ثمّ يشير القرآن إلى هذا الأصل وهو أنّ صفحة أعمال الأقوام السابقة لم تنته بموتهم ، بل هي باقية ومسجّلة عليهم ، يقول سبحانه : (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ) فكذلك أعمالكم مثبّتة ومحفوظة ليوم الحساب.
«زبر» جمع (زبور) بمعنى الكتاب ، وهي تشير إلى صحيفة أعمال الإنسان ، ويحتمل البعض أنّ المقصود هنا هو : «اللوح المحفوظ» ، ولكن هذا المعنى لا يتناسب مع صيغة الجمع.
ثمّ يضيف سبحانه : (وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ).
وبناء على هذا فحاسب الأعمال في ذلك اليوم هو حساب شامل وتامّ لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ، حيث يستلم المرجمون صفحة أعمالهم كاملة ، فيصعقون لهولها ويصطرخون لدقّتها (وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها). (١)
«مستطر» من مادّة (سطر) في الأصل بمعنى (صفّ) سواء ما يتعلّق بالأفراد أو الأشجار أو الكلمات التي تصف على الأوراق ، ولكون المعنى الأخير أكثر
__________________
(١) الكهف ، ٤٩.